لماذا عليهم أن يصدقوا؟
كتب رئيس التحرير:
يتساءل المواطن السوري اليوم، بحسرةٍ ما بعدها حسرة: كيف وصلنا إلى هنا؟! ويعود بالذاكرة إلى ما قبل عام 2016، حين كان الإرهابيون يسرحون ويمرحون في مناطق كثيرة على التراب السوري، وكان سيف الحصار مسلّطاً على رقاب المواطنين بإدارة أمريكية أوربية خليجية تركية، لكن معاناة المواطن السوري في الداخل كانت أقل مما هي عليه اليوم!
لقد دعم السوريون زحف جيشهم الوطني الباسل، بمساعدة الحليف الروسي، لتطهير الأرض السورية من دنس الإرهابيين، وقدّموا الغالي والنفيس كي تعود بلادهم إلى النور من جديد، وأتمّ الجيش السوري استعادة معظم الأرض السورية، وهذا ما دعا المواطن إلى التفاؤل بقرب نهاية محنته التي تراوحت بين العطالة.. والفقر.. وفقدان الأبناء والأهل.. والتهجير القسري، والشدّ على البطون، بعد ارتفاعات متتالية لأسعار جميع السلع الأساسية والدواء والخدمات.
ما الذي حصل؟
كيف ترجمت حكومات ما بعد 2011 صبر المواطن وقدرته على التحمّل؟
من أقنع هذه الحكومات بأن لدى كل مواطن سوري بئراً من الصبر وينبغي استنزافه؟ وهم يعلمون تماماً (البير وغطاه)، فهم الذين يحدّدون بأقلامهم متوسط الداخل لدى المواطنين السوريين، ويوجّهون بقراراتهم مسار الأسواق.. والأسعار!
لماذا على المواطن أن يصدّق رقماً واحداً من الأرقام التي تصرّح بها الحكومات ما دام مسؤولٌ حكومي بارز ينفي ويتعهد، ثم يذهب نفيه وتعهّده مع (الريح)؟
من يظن بأن المواجهة مع الأمريكيين والصهاينة وبقايا الإرهاب قد انتهت فهو واهم، وهذه تداعيات (صفقة القرن) ماثلة أمام الجميع، فهم مازالوا مصرّين على إركاع سورية وشعبها، ويعرقلون أيّ جهد سلمي لإنهاء الأزمة السورية، إلا إذا (طعّموه) بصفقة القرن، صفقة استباحة الكيان الصهيوني للمنطقة برمّتها، بمباركة أمراء التطبيع.
فهل الحكمة هنا أن يُهمَّش الوضع المعيشي لمن كان، ومازال، السندَ الحقيقي لأي مواجهة قادمة مع محور الشر والاستباحة والاحتلال؟!
كيف لمواطن يبحث عن وسيلة لإيجاد ما يسدّ بها رمق عائلته أن يفكر بعد الآن بالآتي.. بالمستقبل، وهو يقف ساعات ليحصل على رغيف الخبز؟
لقد راهن أعداء سورية وشعبها منذ خمسينيات القرن الماضي على سقوطها، لكن بسالة شعبها وتضحيات جيشها الوطني أسقطا الرهان.
لكنهم اليوم يراهنون من جديد، فاحذروا أيها السادة، ولا تراهنوا أنتم على الاستمرار في تهميش الأوضاع المعيشية للمواطنين، ولا تضعوا أمامهم أرقاماً أنتم أدرى بعدم مصداقيتها.
لم نلمس من حكومتنا الجديدة حتى يومنا هذا إلا رفع الأسعار، فمتى يأتي دور القرارات التي تخفّف من مآسي مواطننا؟
متى سترفعون الأجور، وتتدخّلون تدخّلاً فاعلاً في الأسواق، وتلجمون المتحكّمين بلقمة المواطن ودوائه؟!