نار الأسعار أكثر تأثيراً من كورونا

د. سنان علي ديب:

لم يعد لأي مواطن القدرة على الصمت أو السكوت أو عدم التأوه والتأفف من متوالية أسعار بدأت منذ اتخاذ الإجراءات الحكومية التي ساعد الشعب الحكومة بتنفيذها بحذافيرها، عبر استجابة انضباطية أعطت الأمل الأكبر بتخطي كل كورونات الإرهاب الاقتصادي التي حيكت وتحاك لبلدنا، وعدم تأثر شعبنا بكل الحروب الارهابية التي عمل بها من عسكرية واقتصادية مترافقة بتضليل إعلامي مخيف لم ينقطع وسط انشغال عالمي بمواجهة وباء كورونا مثلما لم ينقطع الجشع والاستغلال اللا وطني واللا إنساني من قبل محتكري المواد وموزعيها ومن قبل حتى صغار التجار الذين كانوا غالباً بنظرنا ضحايا، وكنا نلقي اللوم على السماسرة والوسطاء بسوق الخضار وبسوق الجملة، ولكن للأسف هي منظومة متكاملة مرتبطة لا يستثنى منها إلا القلة. وكيف لا وهم غير عابئين بأي سلع يطلبونها ما دامت الأسواق بلا رقيب ولا حسيب وتحكم مطلق بالعرض من المواد فلا منافسة ولا تنافسية، وحتى الأسعار التخطيطية التي تنشرها المديريات المنوط بها ذلك هي لذر الرماد في العيون رغم محاباتها لمحتكري المواد، فأي ردع من سلوك شريك محاصص!؟ ولا يكون الحساب إلا عندما تزداد قوى الضغط الإعلامي فيكون الرد ببعض الديكورات التي تقع على أضعف أجزاء المنظومة، بينما ينعم محتكرو المواد بالرخاء والربح الفاحش. ويبقى السؤال والتساؤل ما هو دور وزارة حماية المستهلك التي أنشئت أول الحرب المعقدة عندما بدأ إرهابيو الفساد برفع الأسعار ومحاولة اللعب بالدولار، والآثار الاقتصادية ضعيفة، وظلوا يناورون ويلعبون بأدواتهم حتى أوصلوا التضخم إلى أكثر من ١٢٠٠ بالمئة، واستثمروا إجراءات كورونا ولعبوا على المكشوف والعلن. ووزارة حماية المستهلك مغمضة العين وكيف لا ما دام قد صرح مسؤولوها إنهم لا يتدخلون بالأسعار؟! وكيف لا وهم إن تدخلوا فتدخلهم لخدمة التاجر الذي يستجرون منه؟ وكيف لا وهم لم ينافسوا ولم يستجروا عبر مؤسسات الحكومة لقيادة السوق الذي ارتضوا أن يكونوا تابعين له؟! وكيف لا وأي إصلاح بأدوات تاريخيتها التغاضي والصمت مقابل عطاءات؟ كيف لا وما نراه أنه حتى هذه الوزارة تخل بتوازن العرض والطلب لصالح التاجر فتتدخل لتثبيت الأسعار.

ما الحل وما هو المراد؟

مؤكد أن التستر وراء قلة العرض بسبب الإجراءات كورونية أول شماعة لرفع الأسعار وعودة تقنين الكهرباء ومحاباة الجشعين.

وهنا نتساءل:

هل خفي عن إجراءات مواجهة كورونا حجم الطلب وتأمينه عبر التسهيلات؟

هل خفي مدى ضعف القدرة الشرائية لأغلب المواطنين حتى يتباهى أحد المسؤولين بأن الأسعار عندنا ما زالت أرخص من دول الجوار؟!

وهل يعرف من برر تهريب البضائع بالاتفاقات العربية أن الحدود مغلقة وأن من يكشف المهربات هو سلطات الدول المستقبلة؟

وهل يعرف هذا المسؤول او ذاك أن الحرب الإرهابية الاقتصادية

سعرت خلال الإجراءات الكورونية والواجب أخذ الإجراءات الاستراتيجية للاستفادة من منعكسات كورونا وتوفيراتها؟

وهل كان رفع سعر الدولار والنوم بالعسل من دون دحض الإعلام المغرض الذي يحاول النيل من عملتنا نصر كوروني وحاجة وطن، أم السير عكس التيار؟!

وأخيراً للأسف استطاعت حكومتنا أن تطفئ نار كورونا، ولكنها صبت الزيت على نار الأسعار، فاحترق أغلب المواطنين وأصبحوا قاب قوسين من جوع وفقر سريري مميت.

في ظل الأزمات لا يوجد قرارات دائمة والمتغيرات حسب الواقع هي العنوان.

العدد 1102 - 03/4/2024