حزيران شهر الطفولة!

محمود هلال:

يعدّ شهر حزيران شهر الطفل، ففي الأول منه يوم الطفل العالمي، كما اعتبرت الأمم المتحدة 12/6 من كل عام يوماً عالمياً لمناهضة أعمال الأطفال. وكذلك اتفاقية حقوق الطفل نتيجة لما مرت به البشرية من حروب مدمرة، وكان للطفولة النصيب الأكبر من القتل والتشريد والاستغلال والانتهاكات، وعلى الرغم من هذه الاتفاقية التي هي قانون دولي، إلا أن الانتهاكات بحق الأطفال مستمرة، خاصة في الدولة التي تقع تحت نير الاحتلال والحروب، فيجري تجنيد الأطفال في نزاعاتها المسلحة، إضافة إلى ذلك ما يزال الأطفال يتعرضون في العديد من دول العالم للضرب والتوبيخ والعقاب النفسي والجسدي، ويلحق الأذى بهم، كما يلقون المعاملة السيئة من مجتمعاتهم والأوساط المحيطة بهم، سواء في الحي أم في المدرسة أو في ورش العمل التي تستغل جهودهم في أعمال خطرة وبأجور قليلة.

أكدت معظم الدراسات الاجتماعية أن حرمان الطفل من حقوقه هو أقرب طريق إلى الإعاقة النفسية والجسدية والعقلية والعاطفية، وهذه الإعاقة توصد أبواب الإبداع أمامه.

إن ما شهدته الطفولة السورية وما تعرض له الأطفال خلال سنوات الحرب على سورية، من قتل وخطف وموت مجاني وتهجير ونزوح وانقطاع عن المدرسة وقهر، وما لاقوه من خوف ورعب، يندى له جبين البشرية جمعاء. لقد ضمت اتفاقية حقوق الطفل التي أقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة بالإجماع 54 مادة، وتميزت باحتوائها على مجموعة شاملة من النصوص والقواعد والمواد القانونية لحماية الأطفال ورفاهيتهم. وأهم ما يميزها هو حماية الطفل من الاستغلال الاقتصادي، وضرورة القضاء على أسوأ أشكال عمالة الأطفال، كالدعارة والعمل المنزلي، خدم البنات، وترويج المخدرات والقيام بالأعمال الخطرة في مقالع الحجر والمناشر والمناجم، واستخدام الأطفال في النزاعات المسلحة وغيرها، ومنعت عمل الأطفال في القطاعات العشوائية، كباعة جوالين وماسحي أحذية وسيارات ومتسولين إلى ما هنالك.

والسؤال الذي يطرح اليوم: ما هو حال الطفولة عندنا؟!

للأسف الشديد أوضاع الأطفال تزداد سوءاً، وقد ساهمت جائحة كورونا هذا العام بحرمانهم من كثير من حالات الفرح، سواء في نجاحهم بالمدرسة أو فرحتهم بالعيد، إذ مر هذا العيد عليهم دون ألعاب ومراجيح، وحمل مزيداً من القهر، فكثير من الأطفال لم يستطيعوا شراء ملابس جديدة بسبب الغلاء الفاحش في الأسواق.

وعلى صعيد آخر هناك مشاهدات لأطفال بعمر الورود امتهنوا، أو أُجبِروا على امتهان التسول والتسكع على الطرقات مقابل الحصول على أي شيء رخيص، نتيجة الحاجة، وهذا الأمر الخطير بات يشكل ظاهرة، إضافة إلى ظاهرة عمالة الأطفال التي تتفاقم من عام إلى آخر، وذلك نتيجة الحرب على سورية والوضع الاقتصادي المعيشي المتردي لأسرهم، وهناك الآلاف من الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 15 سنة تركوا الدراسة ويقومون بأعمال خطرة ولا تتناسب مع قدراتهم البدنية، فضلاً عن أطفال الشوارع والمشردين الذين يعملون في القطاعات العشوائية المختلفة.

إن كل ذلك يستدعي إيجاد حل، يحمي الأطفال ويصون مستقبلهم وفقاً لمبادئ الأمم المتحدة وإعلان حقوق الطفل وحماية الطفولة الآمنة لجميع الأطفال، وكذلك يستوجب استنفار جميع الجهات الحكومية والأهلية وتعاونها لاتخاذ التدابير الجدية لحماية أطفالنا، ويتطلب أيضاً إيجاد الحلول اللازمة لمشكلاتهم مثل الفقر والقهر والجهل والبطالة التي هي أساس لجميع مشاكل المجتمع.

العدد 1102 - 03/4/2024