العالم تحت وطأة الخوف.. ارفعوا الحصار عن سورية!
كتب رئيس التحرير:
فيروس (كورونا) يتمدّد.. وينتشر في بلاد الدنيا بأسرها، والحكومات تفعل ما بوسعها لإنقاذ مواطنيها. الاقتصاد العالمي بدأت مؤشراته تتلون تدريجياً بالأحمر مع إغلاق شبه تام للمصانع الكبرى، ترافق بهبوط غير مسبوق منذ أكثر من عشر سنوات في أسعار النفط، والبورصات الكبرى في العالم تشهد خسائر تقدر بالتريليونات. أما الزعماء فيعلنون خشيتهم من الأسوأ، ويكيلون الاتهامات للتغطية على الأسباب الحقيقية لانتشار الفيروس الخطير.
ومع انتصار الشعب الصيني الصديق على (كورونا)، عمد حزبه الشيوعي الحاكم إلى تلبية طلبات المساعدة التي انهالت على القيادة الصينية، وأرسل بعثات طبية تمرست في مكافحة هذا الفيروس وسبل الوقاية من انتشاره، إلى دول عديدة في العالم. وبغض النظر عن الأسباب والفرضيات التي أصبحت تفوق عدد المصابين بهذا الفيروس، فإن الهمّ الرئيسي اليوم هو مكافحة (كورونا)، قبل أن يتحول إلى حاصد لأرواح الملايين من الناس في مختلف بلدان العالم، رغم قناعتنا بأن المصالح المشتركة لقوى الرأسمال العالمي ليست بعيدة عن الاتهام، فسلوكها الهادف إلى جني الأرباح، وسياساتها المعادية للشعوب تضعها في قفص الإدانة.
في سورية، بعد عشر سنوات من الأزمة والغزو الإرهابي، وحصار اقتصادي ظالم فرضه التحالف المعادي لسورية وشعبها بقيادة الإمبريالية الأمريكية، وما سببته جرائم الإرهابيين من خسائر للقطاعات المنتجة، وركود للاقتصاد الوطني، وتراجع لإيرادات الخزينة العامة، تحاول حكومتنا بما لديها من إمكانات متواضعة مكافحة وصول (كورونا) إلى بلادنا التي مازالت خالية منه حسب التصريحات الرسمية، وحسب تقارير منظمة الصحة الدولية، معتمدةً في ذلك على تجاوب المواطنين، وتحلّيهم بأعلى درجات الوعي، واتباعهم لإرشادات وتوصيات الهيئات الطبية الحكومية، لكن تجّار الحرب، وسماسرة الأسواق، ومقتنصي الفرص، كانوا أيضاً حاضرين، فاستغلّوا حالة الاضطراب والتخوف لدى جماهير الشعب السوري، ومارسوا سطوتهم على الأسواق، ورفعوا أسعار المواد التموينية الرئيسية، واحتكروا وسائل الوقاية من الفيروس من معقمات وكمامات، ورفعوا أسعارها إلى درجة يصعب فيها على الفئات الفقيرة الحصول عليها، في ظلّ تراجُع قدراتهم المالية، وتفاقُم معاناتهم المعيشية.
إن الفئات الفقيرة التي باتت تشكل غالبية الشعب السوري، بعد عشر سنوات دامية، أصبحوا زاهدين حتى بالفرح والسعادة، إذ يذوقون المرّ لتأمين أبسط الأساسيات، ضاربين عرض الحائط بكل الوصايا، والتحذيرات، والإرشادات، وذلك لسبب بسيط جداً: إنهم لا يملكون ثمن المواد الغذائية التي تحلّق أسعارها يوماً إثر يوم، ولا ثمن المعقمات، والكمامات، والفيتامينات، والليمون الذي بلغ ثمنه اليوم 1000 ليرة للكيلو غرام!!!
إذا كانت الحكومة مهتمة حقاً بمحاصرة كورونا، فعليها توزيع المواد الغذائية الأساسية، بأسعار مخفضة في تناول هذه الفئات، وتحمّل الفارق كدعم اجتماعي، وتوزيع وسائل الوقاية مجاناً على المواطنين، لضمان تقيدهم بالإرشادات الصحية، والإبقاء على بلادنا خالية من الفيروس الخبيث.
ندرك أن المسألة ليست سهلة، وأن الظروف التي تمر بها البلاد بعد سنوات صعبة قد لا تسمح بتحمّل تكاليف هذا الاقتراح، لكن مصير شعبنا وبلادنا يتطلب تجاوز هذه الصعوبات.
ما زاد الوضعَ سوءاً وتعقيداً هو حالةُ الحصار الجائر، الذي يحرم سورية من الحصول على الأجهزة الطبية الملائمة، والأدوية والمعقمات، وجميع الأدوات اللازمة للاستقصاء، والمعالجة، هذا الحصار الظالم مستمر رغم حالة الرعب التي تجتاح العالم من انتشار الفيروس.
ارفعوا الحصار الجائر عن سورية وشعبها، ارفعوا هذا الحصار المنافي لأبسط القواعد والأسس والأعراف الإنسانية، كي يتسنى لشعبنا الحصول على ما يجنّبه الكارثة، بعد أن تعرّض لمآسٍ لم يتعرّض لها شعبٌ من شعوب العالم، بفعل جرائم ومجازر الإرهابيين.
السوريون مدعوّون اليوم إلى التكاتف والتعاضد، والتقيّد بالتعليمات.
واليأس ممنوع.