أمّ وأب وإخوة أركان متكاملة لأسرة سعيدة

وعد حسون نصر: 

يظنُّ كثيرون أن الأسرة السعيدة والنموذجية هي المتكاملة بأفرادها من أب وام وأبناء، لكن هل هذا مقياس كافٍ لنقيّم من خلاله سعادتنا كأسرة؟ لا أظن. لأن السعادة هي بالمحبة والاتفاق والتفاهم بين الإخوة تحت خيمة الحب المنسوجة بيدي أبوين مُتحابين. فالكثير من الأُسر فقدت الأب أو الأم (بالموت أو السجن أو السفر أو الخطف أو الطلاق) خلال الأزمة، لكن بالمقابل كان أحد الأبوين الموجود (الأب أو الأم) هو المقوّم الأساسي الذي جمع أولاده على الحب والألفة والتعاون والاحترام المتبادل بين الجميع. حتى الإخوة الذين فقدوا الأبوين معاً فكثير منهم أنشأ أسرة رائعة قوامها المحبة والعلم. وانطلاقاً من هذا، ليست كل الأُسر المتكاملة بأفرادها سعيدة، ففي كثير من الأحيان يكون الخلاف المستمر بين الأبوين سبباً يجعل الأولاد في حالات ضياع وتنمّر وفلتان وحقد شديد داخل الأسرة، وعلى الآخرين خارجها، وهنا تكون هذه الأسرة مثالاً للانحدار وعدم الالتزام الخلقي. كما أنه ليست كل أُسرة فقدت أحد أركانها تعيسة أو بائسة، بل على العكس يمكنها واستناداً إلى ما سبق أن تكون مثالاً للسعادة والمحبة والدفء والعطاء، والسبب الأول لنجاح كل أُسرة هو إشاعة الحب بين أفرادها كعائلة، لذلك يجب أن يشعر كل فرد منّا أنه ركنٌ أساسي في هذا الأسرة وليس فقط الأبوان هما من يقع على عاتقهما نجاح الأسرة أو فشلها. أيضاً علينا أن نخلق أجواء هادئة ومُتحابة بين الجميع، ونبتعد كإخوة وآباء عن الألفاظ الجارحة ليسود الدفء والحب جو العائلة، ولا يضرُّ أن تتوطد العلاقات الاجتماعية مع المحيط من أقارب وجيران وأصدقاء، لأن المناخ الاجتماعي يُعزّز مكانة الأسرة ويُسهم في تطوير نجاحها، وعلينا ألاّ ننسى احترام الاستقلالية والخصوصية لكل فرد من أفراد الأسرة كبيراً كان أم صغيراً، لأنه يمنحه الثقة بالنفس والآخر، ومن ثم فالأسرة الناجحة هي التي تُبنى على التسامح والحب، فالحب هو أهم ركن يعوّض عن القهر والحرمان.

وأخيراً، تبقى الأسرة هي الحضن الكبير الذي يضمّ جميع أفرادها ويغمرهم بالحب والرعاية والعناية، فأبناء الأسرة الواحدة يتقاسمون معاً كلّ شيء في الحياة، فهم يفرحون معاً ويحزنون معاً ويتشاركون الأزمات والمواقف المختلفة في الحياة, لذلك تبقى الأسرة نعمة كبيرة لا يعرف قيمتها إلاّ من عاش محروماً منها، لهذا يجب أن يكون الاهتمام الأسريّ من الأولويات، وأن يسعى كل شخص ليكون عضواً فاعلًا ومفيداً في بيته وأسرته، وأن يكون قدوة حسنة لجميع أفراد هذه الأسرة وليبقى الحب سيّد العلاقات الأسرية والإنسانية.

العدد 1104 - 24/4/2024