حين أمرًّ بالأيام… لا حين تمرَّ هي بي

إيناس ونوس: 

ويسألونك: هل الحياة نزهةٌ أم معركة؟!

حين يضيع يومك بحثاً أو انتظاراً لرغيف خيز، أو ليتر مازوت.

حين ينفطر قلبك أمام مرض طفلك، وأنت لا تملك ثمن علاجه.

وحينما تدخل فرعاً أنت لا تحبه، فقط لأن علاماتك أوصلتك إليه.

حين يذهب شبابك باحثاً عن فرصة عمل، أو عاملاً طوال اليوم.

عند وصول ابنك إلى سن الدراسة، ولا يمكنك تدريسه في المدرسة التي ترغب، فقط لأنها غالية الأقساط، ولأن التدريس في المدارس الأخرى وصل حدَّ الانحدار.

عندما يُصبح تفكيرك بالزواج وتأسيس أسرة، هو ضربٌ من الجنون، لأنك غير قادرٍ على امتلاك بيت، وراتب يسدُّ مصاريف العائلة.

حينما تؤجّل أبسط متطلباتك مقابل متطلبات أبنائك المؤجّلة باستمرار وتحت ذرائع متنوعة.

عندما تخشى وصولك إلى سنّ التقاعد، لأن الراتب لن يكفيك ثمناً للخبز. ولأنك لن تقدر على الحصول على الطبابة اللازمة.

عندما تحلم بمسكنٍ يناسب وضعك ولا تجده لارتفاع الأسعار.

وعندما لا يمكنك اللعب مع أطفالك، لأنك مشغولٌ طوال الوقت.

حينما تكره المناسبات والأعياد، لأن لا طاقة (مادية أو زمنية) لك على تحمّل أعبائها.

عندما تتفركش بالأطفال والمُسنين في الشوارع يمدون أيديهم طلباً للعون، ولا تملك في جيبك ما يساوي ثمن رغيف خبز.

حين يصبح الهمُّ الأول بعد أن يُنهي ابنك الشّاب دراسته كيف ستؤمّن له سفراً للخارج ليبحث عن مستقبله الضائع هنا.

وحينما يُتاجَرُ باسمك في المحافل والمناسبات، وتكون المطية التي يركبها الآخرون ليرتفعوا.

حين لا تجد قانوناً يحميك إن شعرت بظلمٍ.

وحين تحاول التشبّث ببلدك لآخر نقطة دمٍ تجري في عروقك، بينما تلاقي العكس، لأن بلادك تركلك في كل ثانيةٍ.

سيخجل المتسائل من سؤاله لأنك كل هؤلاء بشخصٍ واحد، وسيدرك على الفور أنك محسوبٌ على قيد حياةٍ لا تعرف عنها شيئاً، ولا تعرف عنك شيئاً. ولسان حالك يقول: كنت أتمنى لو أني مررت بالأيام، لا أن تمرَّ هي بي دون علمي.

العدد 1104 - 24/4/2024