شو عم يصير | كل ما يشترى بالمال.. هيّن
مادلين جليس:
منذ عدّة سنوات، وقبل بدء الأزمة في سورية، كانت النتائج، سواء للثانويّة العامة أو للتعليم الأساسي، تحمل معها انقلاباً في حياة الطالب، وكانت المعادلة السائدة أن من يدرس ينجح، ومن لا يتعب ولا يدرس فمصيره الفشل والرسوب، كانت هذه المعادلة قائمة وبقوّة، ولاشك فيها.
أما الآن فقد باتت هذه النتائج تحدث ضجّة لا تتجاوز ضجّة حدثٍ في مسلسل درامي، ولا نبالغ إنْ قلنا إنّ بعض مشاهد المسلسلات أثارت ضجة أكبر مما فعلته نتائج الثانوية العامّة التي صدرت قبل أيام.
أيضاً فإن الانقلاب المهم والتغيير الجذري في حياة الطالب عقب صدور النتائج لم يعد موجوداً، فمن لم يحالفه الحظ في هذا الامتحان، التجأ إلى الدّورة التكميلية، التي تتيح له تعويض ما فاته من علامات خلال الدورة الأساسية، والتي تسمح له بتقديم أكثر من مادة لتحسين علامتها.
إضافة إلى أنّ المعادلة القاضية بنيل كل طالب مقدار ما درس واجتهد، فأيضاً لم تعد موجودة، إلا نادراً، فالمعادلة الصحيحة اليوم تقتضي أنّ مقدار علامتك ونتيجتك تحدّد بمقدار ما تملك من مال، فكلما ازداد إنفاقك على الدروس الخاصة، والمعاهد الخصوصية، والدّورات الصيفية والشتوية، ازدادت فرصة تحسين علامتك ورفع نتيجتك، ولاحقاً ازدادت فرص قبولك في الجامعة.
ولنفترض أنّ ذلك لم يحدث، وأنّ الطالب دفع مبالغ مالية كبيرة في سبيل رفع علامته، إلا أنه لم يرد التعب والسهر في سبيل تحقيق ذلك، حينئذٍ سيكون الحل الأكيد، والمجدي، هو التسجيل في جامعة خاصة.
في الجامعة الخاصة ينتقل الطالب المرفّه من حضن والديه، إلى رعاية الأساتذة والدكاترة في الجامعة الخاصة، التي توفّر له كل سبل التحصيل العلمي، وتسلّمه الشهادة الجامعية بيسر وسهولة لا يقدران.
وهكذا فإنّ العامل الأهم في كل ما ذكرنا هو المال، اجمع المال وكنْ طبيباً، أو مهندساً معمارياً، أو صيدلانياً، فالأموال التي دفعتها للحصول على الشهادة، ستدفعها مرّة أخرى لخطأ طبي أودى بحياة مريض، أو تعويضاً لسكان أحد الأبنية التي انهارت فوق رؤوسهم، أو لمريض أخطأت في وصف الدواء له.
كل ذلك سهل وهيّن وكما يقول المثل السوري (كل ما يشترى بالمال.. هيّن)!