اللاذقية بين أزمة الغاز والتصريح الوهمي

سليمان أمين:

الاعتراف بالخطأ فضيلة كبرى تقود إلى إصلاحه ومعالجته, أما إنكاره وتبريره فكارثة تقود إلى كوارث مدمرة أكثر , فكيف إن كان إنكار الواقع هو الحاصل اليوم والجنوح إلى عالم لازوردي أخر يكمن في مخيلة مسؤول يتحدث؟؟

كثرت تصريحات مسؤولي الحكومة السورية في الأيام الأخيرة منكرة واقع الأزمات الخانقة الحاصلة التي أثرت سلباً على الواقع المعيشي للمواطن السوري, الذي بدأ بالتعبير عن غضبه وألمه بطريقة السخرية و تصوير واقعه المعيشي ونشره عبر وسائل التواصل الاجتماعي , مطالباً بأبسط حق له وهو الحصول على جرة غاز ولتر مازوت وتحسين أسعار المواد الاستهلاكية التي ارتفعت بنسب متفاوتة بسبب ربطها بارتفاع بورصة العملات الصعبة وغيرها الكثير من الواقع الرديء والأكثر سوءاً مما كان عليه في ظل سنوات الحرب الأكثر بشاعة وألماً, وتحولت بورصة التصريحات إلى نكت جديدة تضاف إلى يوميات السوريين تضحكهم وتبكيهم في آن واحد, فهم لا يستحقون هذا الاستخفاف بواقع يعيشون يومياته بجحيم وألم , فهم من قدموا لوطنهم بصمودهم وتضحية أبنائهم، يخرج عليهم مسؤولون لا يعرفون من التضحية سوى شعارات يرددونها في اجتماعاتهم وخطاباتهم بأن ما يتم نشره من صور وفيديوهات عن وجود أزمات غاز و كهرباء و..و..الخ هي مجرد فبركات وصفحات مسمومة تدار من الخارج، وهي جزء من المؤامرة وغيره من المصطلحات التي يقنعون أنفسهم بها ويغذون رغباتهم وأحلامهم الوردية برونقها البراق. إذ يخرج مسؤول يردد ما ردده آخر بأن الشعب يدار من الخارج , فكيف يسهل على مسؤول توجيه اتهام لشعب كامل صمد وضحى لسنوات بالعمالة والتأمر؟

لا يوجد أزمة في اللاذقية وفيديوهات طوابير المواطنين عبارة عن فبركات !هذا ما صرح به مدير الغاز في اللاذقية (أ.ع) لإحدى الإذاعات السورية الخاصة رداً على الصور والفيديوهات التي نقلت واقع أزمة الغاز في اللاذقية، والتي تجاوزت فيها طوابير المواطنين بانتظارهم للحصول على جرة غاز عدة كيلو مترات، وما الفيديو الذي انتشر بكثرة ناقلاً أطول طابور في اللاذقية سوى حالة واقعية أنكرها مدير محروقات اللاذقية ومدير الغاز, وأنهم لم يروا طوابير ولا مواطنين تنتظر جرة الغاز! بالتأكيد لم ولن يروا فهم يجلسون في مكاتبهم وآخر همهم هو المواطن فهمهم الوحيد الحفاظ على مناصبهم! سنوات مرت ولم نر أي تغيير لمدير محروقات اللاذقية, رغم كل ما عاشته وتعيشه المحافظة من سوء في توفر المحروقات الأساسية يضاف إليها الغاز مؤخراً, فكثيرة هي الأحياء التي تأخذ الغاز على حساب حارات أخرى , وما حصل في الرمل الشمالي كان خير صورة لحرمان المواطنين المنتظرين لساعات من حقهم بالحصول على جرة، عندما أمر الضابط المسؤول عن التوزيع بمنع التوزيع ونقله إلى منطقة أخرى. ونحن نعلم أن توزيع الغاز يجب أن يقع على عاتق المؤسسات الخدمية كالتموين الذي تم تحجيم مهامه, فسيارة الغاز لا يصل العدد المقرر للحي كاملاً بل ناقصاً بمقدار الثلث أو الربع في معظم الأحيان, وما حدث في منطقة الشاطئ منذ أيام كان إحدى الصور السيئة لما يحدث فالمقرر 50 جرة وصل منها 30 جرة وقد بيعت جرة الغاز بـ 3000 ليرة سورية وهي بتسعيرة الحكومة 2500 ليرة. والسؤال هنا: أين ذهبت الـ20 جرة الأخرى؟ ولمن يعود مربح الجرار الباقية؟ فتحجيم التموين عن أداء دوره كان خطأ كبيراً في توزيع المادة. وللأسف مازالت اللاذقية حتى اليوم تعاني من عدم توفر الغاز المنزلي وصور الواقع كثيرة عن الغاز متوفر بالسوق السوداء وسعر الجرة 7000 ليرة سورية كحد أدنى، وتجاوز في الأيام الماضية 9000 ليرة سورية , وما تصريحات المسؤولين في المحافظة سوى إنكار للواقع المعيشي السيئ والإهمال الخدمي الحاصل من قبل بلدية اللاذقية والمحافظة.

وليست اللاذقية سوى مثال بسيط للواقع الذي تعيشه المدن السورية الأخرى ولكن بنسب متفاوتة، ففي بعض المدن والمناطق الأخرى بدأت أزمة الغاز تتلاشى.

العدد 1102 - 03/4/2024