قانون الأحوال الشخصية.. هل يكفي التعديل؟

ولاء العنيد:

انقسم الرأي العام في سورية، مؤخراً، بين مؤيّدٍ ومعارضٍ للتعديلات الجديدة التي طرأت على قانون الأحوال الشخصية السورية. فبينما رأى فيها البعض انتصاراً لثورة المرأة على واقعها، استشفّ آخرون أن القانون يضيّق الخناق أكثر، وأنه لم يكن ملبّياً إلا جزءاً بسيطاً من حقوق المرأة السورية، ووجد البعض أن هذا التغيير لا يعدّ جذرياً، وليس إلا تغييراً في المصطلحات بما يحقق الغاية القديمة نفسها، ويتناسب مع المصطلحات الحديثة.

وبين هذا وذاك دارت (معارك) على مواقع التواصل الاجتماعي: طرف يهنّئ ويبارك، وآخر يذمّ ويستهجن، رغم أن ما تناقلته وسائل الإعلام ومواقع التواصل هو جزء بسيط من التعديلات، ونوقش فيها أبرز التعديلات، مثل إمكانية جعل العصمة بيد الزوجة، وإمكانية وضع المرأة في عقد زواجها شروطاً تضمن حقها في العمل، وتمنع زوجها من الاقتران بثانية، إضافة إلى رفع سن الزواج إلى 18 عاماً، وتثبيت مبدأ (العقد شريعة المتعاقدين) وتعديل الشروط والإجراءات في الحضانة والمهر.

ولكن، إذا أصبح القانون ينصف المرأة حقاً، بموجب التعديلات الجديدة، فهل سينصفها المجتمع؟

المشكلة الحقيقية تكمن أساساً في مجتمعاتنا الشرقية، فهي ما زالت تكبّل المرأة بألف قيد وقيد، ذلك أن قانون المجتمع السوري هو الذي يفرض نفسه على حياتها، وهو الذي يمنعها من المطالبة بحقوقها.

فهل سيحمي القانون السوري المرأة التي تجاوزت سن الزواج، و(فاتها القطار) على حد التعبير الشعبي السوري، هل سيحميها من الزواج مرغمة، خوفاً من أن يطلق عليها تسمية (عانس)؟ فالقوانين التي يضعها ويتعامل بها المجتمع الشرقي أقوى من سائر القوانين الوضعية. وهل ستتمكن المرأة من الحصول على حقوقها، أم أن (كلام الناس) سيقف بوجهها، بقوّة، ويمنعها!؟

هل سيكفي تغيير وتعديل قانون الأحوال الشخصية، أم أن ما يجدر تغييره هو نظرة المجتمع إلى المرأة؟

إنها ثقافة مجتمع كامل، لم ينجُ منها سوى فئة قليلة من المثقفين والمتعلمين، ممن يمتلكون وعياً وإدراكاً كافيين، ليقدروا أهمية المرأة في المجتمع.

لهذا يجدر بنا العمل على أن يصبح المجتمع السوري جاهزاً للإقرار بحق المرأة السورية، فحتى أبسط التغيرات سيجدها مجتمعنا تغيرات جوهرية في كلّ وقتٍ وفي كل مرحلة، إن لم يكن هناك حملات توعية للمرأة نفسها، وللأهل، وتغيير في طريقة التربية والتوجيه لكل فئات المجتمع عبر الإعلام، والجهات الحكومية.

فإن ركزنا جهودنا على تغيير نظرة المجتمع إلى المرأة، فلن تجد نفسها مضطرة لطلب حقوقها، بل ستنالها بشكل طبيعي، وستكون حالة المجتمع الثقافية هي المنصفة وهي الداعمة لها، ففي مجتمعنا قانون الأعراف وكلام الناس أقوى، وأكثر هيمنة على حياة المرأة السورية من سائر القوانين.

العدد 1104 - 24/4/2024