شو عم يصير؟ | مخدّرات تعليمية (ممنوعة)

مادلين جليس:

هل أصبح مجتمعنا خالياً من الفساد والظلم؟ هل اختفت منه كل مظاهر التهريب والغش والمتاجرة بالمخدرات؟ وهل أُنجِز إلقاء القبض على كل شبكات الدعارة فيه حتى بتنا نجد (الضابطية) تداهم البيوت وتبحث في غرف النوم عن دروس خصوصية؟!

هل أصبح المدرسون تجّار ممنوعات، ومروجي مخدّرات، ومهربي مواد منتهية الصلاحية، حتى باتوا يلاحَقون ويعاملون معاملة المجرمين، وباتت تداهمهم (الضابطية) في منازلهم!؟

بحسب تقرير نشره موقع (روسيا اليوم) فإن حملة مديرية التربية في طرطوس وصلت إلى تفتيش البيوت بكل غرفها، حتى غرف النوم، مع غرامات مالية أدناها 500 ألف ليرة سورية.

ما يدعو للدهشة في كل ذلك أن من يلاحق المدرسين لمنعهم من إعطاء الدروس الخصوصية بعد انتهاء دوامهم، لم يزعجه أن يعمل هذا المعلم دواماً آخر بعد دوامه في المدرسة، وأن يُستَهلك جسدياً ونفسياً في تلك الأعمال قبل أن يطلع الصبح، ليعود إلى مدرسته مرة أخرى، بل أزعجهم أن يعطي الدروس الخصوصية بعد دوامه! لم يزعجهم أن يقف المعلم ليبيع على عربة خضار، ولا  أن يعمل مدرس الرياضيات محاسباً في محل لبيع المعجنات وما شابه.

ألم يخطر ببالهم يوماً ما الذي دعا هذا المدرس إلى الدروس الخصوصية؟ ألم يتساءلوا يوماً ما الدافع وراء ذلك؟ هل سوّلت لهم أنفسهم الظنّ أن المدرس يجد وقت فراغ كبيراً لا يستطيع ملأه إلا بالدروس الخصوصية؟ أو أنه يشعر بسعادة لا توصف حينما يقضي ساعات نهاره كلها في إعطاء الدروس في المدرسة، ثم في الدروس الخصوصية؟؟

هل فكّروا يوما أن ينصفوا هذا المدرس في راتبه، أن يعطوه ما يستحق أسوة بباقي البلدان المتقدمة التي تحترم المدرّس وتقدّره وتجعل مهنته أهم المهن وراتبه أعلى الرواتب، فهو مربي الأجيال؟ وهل فكّروا يوما أن يعدّوا مناهج تعليمية تقوم على التّحليل والاستنتاج، ترفع من مستوى التعليم ومن سوية الطلاب، ومن كفاءة المدرسين أيضاً؟

وهل فكّروا أنهم بذلك سيكونون أمام جيل لا يحتاج فيه الطالب ولا المدرّس إلى الدروس الخصوصية، وسيوفّرون على أنفسهم عناء الملاحقة والمداهمة وإصدار القرارات التعسّفية؟!

أغلب الظن أنهم وفّروا على أنفسهم عناء التفكير.

العدد 1104 - 24/4/2024