السلاح غير المرخص يسهّل تجارة الموت

إن حيازة السلاح من غير ترخيص هو العمود الفقري لوجود الجريمة المنظمة في المجتمع وظهور التشكيلات العصابية ووقوع الجرائم غير المنظمة أو غير المعدة سلفاً، فكثير من جرائم القتل لم تكن هناك نية في ارتكابها، ولكن وجود السلاح في يد الجاني هو سبب هذه الجريمة.

فكل المجتمعات وضعت ضوابط وتشريعات لحمل السلاح واستخدامه ضمانة للحفاظ على الأرواح والممتلكات. وسورية هي من الدول السباقة في تضمين تشريعاتها النصوص اللازمة لضبط الأسلحة الصغيرة وحيازتها ونقلها والاتجار بها، وتؤيد توجيهات الأمم المتحدة لمكافحة الاتجار غير المشروع بالأسلحة الصغيرة والخفيفة ومنع انتشارها بشكل غير مشروع مما يؤدي إلى الحاق الأذى بالمجتمعات الإنسانية خاصة الأطفال والنساء، ويؤجج الصراعات الإقليمية والمحلية، ويؤدي إلى إعاقة التنمية، فقد وضعت الجمهورية العربية السورية قوانين وأنظمة صارمة وفعالة تضبط عملية حيازة الأسلحة الصغيرة والخفيفة وحملها والاتجار بها وحالات جواز استخدامها من قبل الجهات الحكومية أو من قبل المرخص لهم لحيازة بعض أنواع هذه الأسلحة. فقد صدر القانون رقم 403 لعام 1957 وعدل بالقرار 86 تاريخ 13 شباط 1977. وصدر المرسوم التشريعي رقم 51 تاريخ 24 أيلول 2001 وتضمن تراخيص الأسلحة الصغيرة وألغى تراخيص البنادق  الحربية، وحدد عدد القطع التي يجوز للمرخص حيازتها ورفع سن الشخص الذي يجوز له الترخيص من 18 سنة إلى 25 سنة كحد أدنى وزيادة الرسوم وتشديد العقوبة على حيازة السلاح بشكل غير مشروع  أو الاتجار به، فأصبحت عقوبة الحيازة لمدة خمس سنوات وغرامة عشرة آلاف ليرة سورية، وأعطي مهلة ستة أشهر للمواطنين الذين يحوزون أسلحة غير مرخصة لتسليمها للدولة. وصدر المرسوم /25/ تاريخ 10 نيسان 2005 فمنح مهلة 6 أشهر للموضوع نفسه، والهدف هو التقليل من انتشار هذه الأسلحة. وهذه الإجراءات جاءت منسجمة مع توجيهات الأمم المتحدة لضبط هذه الأسلحة من حيث تجارتها وحيازتها وحملها ونقلها.  فقد حدد المرسوم التشريعي رقم 51 الأسلحة التي يجوز ترخيصها وهي مسدسات حربية بجميع أنواعها وقطع غيارها، بنادق صيد، أسلحة التمرين، أسلحة أثرية غير معدة للاستعمال.

م2- يحظر على غير الجهات الحكومية المختصة صنع هذه الأسلحة، وحصرت بالقطاع العام استيراد الأسلحة والذخائر وتصديرها ونقلها وحظرت حملها بغير ترخيص مسبق.

م4- يحظر بغير موافقة وزير الداخلية عبور الأسلحة والذخائر والألعاب النارية عبر أراضي الدولة إلى دولة أخرى حفاظاً على الأمن العام والسلامة العامة.

م40- يعاقب بالاعتقال من 5 سنوات إلى 15 سنة وبغرامة لا تقل عن ثلاثة أمثال قيمة الأسلحة أو الذخائر المضبوطة ولا تزيد على عشرة أمثالها:

– كل من خالف أحكام المادة 2 من هذا المرسوم.

– كل من هرب أو شرع في تهريب أسلحة او ذخائر بقصد الاتجار بها.

– كل من حاز أسلحة او ذخائر وهو عالم بأنها مهربة بقصد الاتجار بها، ويحكم على الشريك والمتدخل بعقوبة الفاعل الأصلي ولا تطبق في هذه الحالات الأسباب المخففة التقديرية على هذه الجرائم.

– م41 أ- الحبس من 3 سنوات إلى 6 سنوات وغرامة من 10- 50 ألف ليرة سورية كل من حمل أو حاز سلاحاً حربياً غير قابل للترخيص بموجب أحكام المرسوم التشريعي او ذخيرة له.

–        ب- الحبس من 2- 5 سنوات والغرامة من 5- 10 آلاف ليرة سورية من حمل أو حاز دون ترخيص بندقية صيد.

– م51- يعاقب على حمل الأسلحة الممنوعة المنصوص عليها في المادة 317 من قانون العقوبات العام من غير سبب مشروع بالعقوبة المنصوص عليها في الفقرة 1 من المادة 314 من قانون العقوبات.

ومع وجود هذه الضوابط القانونية الصارمة لم نجد مفاعيل لتطبيق هذه القوانين على أرض الواقع، وذلك باستغلال الثغرات القانونية والتساهل في تطبيقها وأنظمة الحكومة والطبيعة الجغرافية، كل ذلك سهل انتشار حمل السلاح غير المرخص وخاصة مع تردي الأوضاع الامنية والاقتصادية وسقوط هيبة القانون واحتضار العدالة وبطئها، وشعور المواطن بعدم الأمان جعل السلاح بيد الجميع بلا ضابط، والترخيص توارى الآن ولم يعد موضع اهتمام.

 على الدولة محاربة هذه الظاهرة وتشديد الإجراءات على مختلف المنافذ والطرق الحدودية، والضرب بيد من حديد على يد الخارجين عن القانون وتعزيز هيبة الدولة وإيجاد عملية فاعلة لضبط الأسلحة غير المرخصة كافة ووضع ضوابط قانونية وإجرائية حازمة ومرنة وتعزيز قدرة الجهات كافة على فرض سلطة القانون، فثقافة حمل السلاح يجب التخلي عنها وتعليم الجيل الجديد عبر وسائل الإعلام والمدارس والجامعات خطورة اقتناء السلاح غير المرخص، ونشر مفاهيم القانون والمؤسسات التي تعيد الحقوق لأصحابها، وخطورة آثار التجارة بالسلاح وتهريبه، وان تنحصر وتقنن تجارة السلاح عبر وسائل علمية مدروسة بحيث لا يؤدي بيعها إلى انتشار الجريمة والسرقات وقطع الطرقات، وهذا كله بالتعاون مع مختلف مؤسسات المجتمع المدني ليسود الأمن والسلام المفقودين في بلدنا الحبيب.

العدد 1105 - 01/5/2024