لديهم عقد لكنه غير مختوم!

 لم يعد بغريبٍ عن مجتمعنا العربيّ أيّ احتلالٍ فكريّ جديد أو أي خلل أخلاقي قد يدقّ رؤوسنا فنفتح له الباب! فهذه إحدى شِيَمنا! ..وكالعادة تغزونا الحروب وتأخذ غنائمها من استقرار نفسيّ وهدوء وكلّ ما تحتويه مستودعاتنا من تقاليد! وهذا حالنا إثر احتلالات الغرب منذ مئات السنين..

وأتى حاضرنا ليبرهن لهم أنهم لم يختلسوا منا عادتنا في الذوبان بحضارات الغير وسرعة تجرّدنا من ممتلكاتنا الفكرية!

استرخت العضلة المجتمعية بعد حربنا هذه وباتت أعصابها منحلّة.. وبدأنا بتجارة المعاوضة واستبدال عاداتهم بأخلاقنا، وهذا إثر عقدٍ خاسر بأيّة حال!…لم يكن مقبولاً قبل أزمة سورية كلّ ما يجمع عليه من البيئات المختلفة على أنه مناف للأخلاق!

لكن هذا لا ينفي أن مجتمعنا العربيّ هو مجتمع مكبوت جنسياً وعاطفياً، فالشاب لا يفهم معنى الحبّ إلا عن الطريق الجنس، والفتاة حُرّم عليها الحبّ والجنس قبل الزواج، وهذا الرأي صار رأياً راجحاً مجتمعياً!, وهو مادفع بالشّبان إلى الشذوذ عن القاعدة المطبّقة في المجتمع عندما أُتيحت لهم الفرصة بالأزمة السورية فالجميع انشغل بهمومه ومشاكله وانهدامات بيته ووو..إلخ.

أما الشبان فبالرغم من حسهم بالوضع الجماعي إلا أنهم ما لبثوا أن استغلوا ما قدمته لهم الظروف الراهنة.

لم يكن دارجاً لدينا ما يسمى بـ (المساكنة) فهذا فعل جديد عندنا ويعني المكوث في منزل واحد يحتوي شخصين من الجنسين (ذكر وأنثى) دون صلة قرابة تشرّع لهم الخلوة أو عقد يثبت زواجهما، ولا يهم إن كان هذا الفعل بعلم الناس أو خفية عنهم! فالدين الإسلامي يرفض قطعاً هذا النوع من الخلوات..

وللابتعاد عن هذا النوع من المواجهة الدينية والأخلاقية قرر معظم الشبان العيش في المساكنة لأسباب عدّة ربما لتخفيف عبء الإيجارات، وخصوصاً بالنسبة لطلاب الجامعات أو من المحتمل أن تكون مجرد خدمة إنسانية من فتاة لشاب أو العكس، وربما لخيار آخر هو الأكثر شيوعاً: المساكنة لممارسة الحبّ، فالأزمة ساهمت كثيراً بظهور هذا النوع لأنها غذّت النزعة الطائفية في البلد فحرّم على الطوائف الزواج من فيما بينها نوعاً ما، كما أن الحال الاقتصادي الذي دُمّر لم يعد آهلاً للتفكير بالزواج، وهذا لاينفي أنها أعطت بطاقة خضراء لبعض الناس الذين لم يشغل بالهم لا هذا ولا ذاك إلا فقط ما يُيسر لهم تلك الخلوة، لأنّ قناعتهم تحكي لهم أنهم يمتلكون عقداً شخصياً وكلا الطرفين راضٍ فيه بالمعادلة ونتيجتها ومدرك تماماً لها.

إلا أنّ عقدهم ذاك لم يكن مختوماً..!

 

العدد 1107 - 22/5/2024