طلاب في الأكاديمية وظلم معهود!

 يكبر الطفل حاملاً بعناء ما أثقلته به المناهج المدرسية من حشوٍ معلوماتيّ قد لا يستفيد منه طيلة حياته، يصل إلى الصف الثالث الثانوي ليزيد عليه الحمل أضعافاً قد تكسر ظهره، يواجه معلومات لا تُحفظ ولا تفهم، ويقف الطالب قبالة هذه المرحلة مشرّعاً ذراعيه للربّ علّ القدر يستجيب لدعواته ويأخذ بيده، ليواجه العقبات واحدةً تلو الأخرى دون عسر هضم!

 إلى أن يقضي بعد ذلك غربال سلّم التصحيح بأعداد هائلة من الطلاب يقوم بالاحتفاظ بمن ساندهم الحظ، أو أن قانون البقاء هو من أبقاهم بغضّ النظر عن الوساطة.

ها هي إذاً المرحلة الأكاديمية التي ما تكاد تفرش الأرض ورداً في مقتبل الطريق، حتى تنغلق البوابة الرئيسية على الطالب وتسقط قدم أليس في بلاد العجائب!.

يتنعّم الطالب في البداية وكأنه آدم في الجنة، يفتخر بما قد وصل إليه، يستقبل المرحلة الجامعية بفرح عارم ويبقى الوضع هكذا حتى يتغلغل الطالب بنواة مواده، فيشرع بابتلاع ريقه تحضيراً للمستقبل المُنتظر.

تفتح الامتحانات أبوابها ترحيباً بالطلبة وترقص الأهازيج تحضيراً لجنون الطلاب، بعدما تاه الدكتور الجامعي بوضع الأسئلة عبر رحلة شاقة تخضع لمزاجه النفسي أو أياً كان!

يتخبط الطالب فيها استنجاداً من الغرق ويخرج من فوهة القاعة متأملاً بحظٍّ علّه يكون حليفه!

أما خلف كواليس الامتحان، فتجري الرياح بما لا تشتهي السفن، وهذا ما قاله طالب الماجستير (ن.ص) بأن معظم من يصححون أوراق الامتحانات هم من الطلاب وليس دكاترة المواد.

وهذه مشكلة كبيرة يعاني منها الطلاب، وتتجلى في الظلم الذي يحصل، فمهما بلغ طالب الماجستير علماً ومعرفة لن يعي كيفية التصحيح اللازم لأسئلة الدكتور، فقد يرى طالب الماجستير غير ما كان يراه الدكتور عندما وضع الأسئلة، وهذه مسألة ظلم لم يتوصل أحد بعد إلى وضع حدٍّ لها. وبعد مرحلة التصحيح العشوائية يضيع الحابل بالنابل _والله أعلم!_ وتمرّ الساعات والأيام، والطلاب على أعصابهم منتظرين تلك النتائج بفارغ الصبر، فمن المؤلم  لطالبٍ أفنى ليله بالسهر وجهده بالدراسة أن تلوّح له الشارة السوداء بالرسوب!

وهذه بالضبط لبّ مصائب الطلاب.

الدكتور أمجد زينو، نائب رئيس جامعة دمشق للشؤون الإدارية وشؤون الطلاب، في حديثه عن مشكلة تأخر نتائج المقررات، برّرها بأن الكادر لا يستطيع مواكبة التصحيح لكلّ هذا الكمّ الكبير من الطلاب الذي تعدى الألوف، أما موضوع الرسوب أو العلامات المتدنية فهو بسبب عدم حضور معظم الطلاب للمحاضرات أثناء الدوام، بالعامية(إي شو هالحجّة؟؟!)

معظمنا يعلم أنّ بعض الكليات لا تحتاج إلى دوام ككلية الحقوق مثلاً، وأن الطالب فيها بإمكانه الحصول على معدلات عالية دون حضور، وهذا ليس بسبب عظيم ليصرف نظرنا عن استهتار كادر التصحيح بجهود الطالب. أما ما قاله عن نقص الكادر الذي لا يستطيع تصحيح أوراق كل تلك المواد بوقت قصير، فتلك مشكلة يكمن حلها عند المسؤولين عن التوظيف، فالعاطلون عن العمل بعد التخرّج يملؤون البلد!.

بلساني كطالبة، وبلسان جميع الطلاب: كفاكم تخلفاً وجهلاً وانتقاصاً لقدراتنا وجهودنا! كفى ظلماً للنابغين منّا! فمن العار على بلادٍ.. عدد طلاب القانون فيها يكاد يعادل الحصى، أن لا تحمل ذرة عدل!..

العدد 1105 - 01/5/2024