السويداء… في عين العاصفة

الورم السرطاني المسمى (داعش) بات يهدد السويداء ومشارفها، وأصبح يرسل لها نذير الشؤم بقادم الأيام. لذلك اشتد أزر أبنائها لمواجهة من أتى يقارعهم في ديارهم، وهم من ساروا على سنّة تحريم الاعتداء على غيرهم، وتحريم الاعتداء عليهم.

الأيام القليلة الماضية شهدت مواجهات قتالية حقيقية على أطراف المحافظة في قرية (الحقف) التي تبعد عن مركز المحافظة 50كم. فقد تقدمت القوى المتطرفة المرابطة على تخومها لتتسلل غدراً وتهدد أبناء تلك القرية بالقتل، فهبوا لحماية بيوتهم وأعراضهم، وساندهم بذلك أبناء النخوة من قرى الجبل الذين لبوا النداء. فكانت ساعات قليلة جرى فيها صدّ المعتدين وتكبيدهم خسائر بشرية ممن يحملون جنسيات مختلفة، وسقط من المدافعين ستة شهداء، منهم صبيّة في عقدها الثاني.

مما لاشك فيه أن وحدة الكلمة هي قبة الميزان في الحكم على ما يمكن أن يجري، وهناك من يعول على أن الشدائد هي التي تجمع أبناء سورية، فترفع من عزيمتهم، ويدللون على ذلك بتاريخهم القريب والبعيد المتمثل بأحداث الثورة السورية الكبرى.. وثورة جبال الساحل، وثورة غوطة دمشق.

ولكن هذا لا يكفي برأي البعض الآخر، إذ يدعون الفعاليات الأهلية والمدنية والرسمية والدينية والسياسية، للمّة شمل تزيل الحساسيات، وترتب الأولويات، وتستنفر الإمكانات المتاحة، وترسم خطة طوارئ لمواجهة ما تحمله الأيام القادمة.

إضافة إلى عمل الجهات النافذة على تغيير عقليتها في التعامل مع الآخر والانفتاح عليه والاستماع إلى مطالبه، والنظر إليه بصفته مواطناً.

إن أبناء الجبل وهم جزء من أبناء سورية محكومون بالأمل ببناء الدولة المدنية الديمقراطية العلمانية، وهم في سبيل ذلك دفعوا ويدفعون الغالي والنفيس في سبيلها. ولن يتوانوا عن أداء واجبهم المقدس، ويحذرون أياً كان في أن يفكر بأنهم لقمة سائغة يمكن قضمها، أو يمكن بيعها.

السويداء تقف اليوم (على ناصية الحلم وتقاتل) لغد مشرق وإنساني، يجمعها فيه مع أبناء سائر المحافظات، وطن حر مستقل ذو سيادة، يحكمه نظام ديمقراطي تعددي علماني الهوية، يوفر متطلبات العيش الكريم لأبنائه ويحميهم من العوز والفقر، ويعيدهم إلى حضنه بعد أن شُرّدوا في أصقاع الأرض.

العدد 1105 - 01/5/2024