مأساة الخابور

 أُدخلت سورية في دوامة صعبة، فقد نُشر الإرهاب والتطرف من شمالها إلى جنوبها ومن شرقها إلى غربها، وكان وراء كل هذا دول لها مصالح في المنطقة، إن كانت إقليمية بإدارة دولية أو دولية بأياد خفية من أجل الحفاظ على أمن الكيان الصهيوني تحت اسم الربيع العربي، فلعبوا دوراً إجرامياً في تدمير البنية التحتية للوطن تحت مسميات عديدة. لم تسلم محافظة أو منطقة إلا ودخلها الإرهاب والتطرف، وذاق الشعب السوري بكل أطيافه الأمرّين، وتحمّل الذل والإهانة التي لم يكن لها وجود في قاموس السوريين، لكنه صمد حباً بالوطن رغم هجرة الكثيرين.

في قرى الخابور مرة أخرى دفع الآشوريون ضريبة آشوريتهم وفكرهم السلمي، وكأنهم يقولون لهم، نحن لا نستطيع صناعة تاريخ وحضارة كما فعلتم ولكننا قادرون على التدمير.

غطت قرى الآشوريين غيمة سوداء ولكن مطرها كان تهجيراً وخطفاً وتدميراً وقتلاً وسرقة، ووصل عدد المخطوفين إلى أكثر من 270 شخصاً، ونتيجة العمل البربري واللا إنساني خلت قرى الخابور من أهلها خوفاً على حياة من بقي منهم، فتحولت هذه القرى إلى أكوام بعد ما أتى إليها من خراب وتدمير، فأصبحت مسكناً للأشباح. وليعلم القاصي والداني بأن كل ما يحصل مبرمج من قبل الصهيونية العالمية من أجل تهجير الآشوريين من موطنهم الأصلي، وهذه الهجرة الرابعة لهم خلال قرن من الزمن، فاعلم أيها الآشوري بأنهم يحاربون تاريخك وحضارتك، لأنك البداية وأنك ناقوس الحضارة.

فاجعل قبلتك وطنك فلابد يوماً أن يناديك، فكن مستعداً وافتخر بآشوريتك وهويتك ولغتك أينما كنت، لأننا اليوم ما علينا إلا أن نجتمع ونتحد لنقرع ذاك الناقوس ناقوس القيامة. ومع هذا الواقع المرير هناك قلة من الناس قد عادوا إلى قراهم متحدّين الظروف تشبثاً بأرض الآباء والأجداد إلى جانب إخوتنا من عرب وكرد.. وإننا نثمّن عالياً كل من وقف معنا وساعدنا أثناء تهجيرنا، فهذا هو الشعب السوري، وهذه هي أخلاقه، فنحن أصحاب الحضارة ولا يمكن حجب أشعة الشمس بجناحي غراب.

العدد 1105 - 01/5/2024