أما كفى السوريين فقراً وقهراً وظلماً؟ التحرك الدولي.. والاستحقاقات السورية

(النور):

منذ الساعات الأولى لانهيار سلطة الرئيس (الفار) ودخول هيئة تحرير الشام إلى العاصمة السورية، بدأت المطابخ السياسية للإدارة الأمريكية وحلفائها الأوربيين عملية تقييم (الوضع السوري) وتأثيراته بالوضع العربي والإقليمي والدولي بعد سقوط حكم دام 25 عاماً، تخللها 14 عاماً من الحرب والعقوبات والكوارث الاقتصادية والاجتماعية التي أدمت وأنهكت الشعب السوري وأفقرته.

التدخل الأمريكي والأوربي إملاءً وإيحاءً وتهديداً وعدواناً، ليس جديداً في تاريخ سورية الحديث، نظراً للمكانة الجيوسياسية التي تمثلها دمشق في صلب المشاريع التي ترسم للشرق الأوسط برمته أولاً، ولسيرورة النزاع العربي – الصهيوني والمسألة الفلسطينية ثانياً، فليس مسموحاً لسورية الغد أن تكون عدوة للكيان الصهيوني، ولا لاستباحته الأرض العربية بعد أن قضم الأرض الفلسطينية، كذلك لا يجوز أن تبقى سورية داعماً رئيسياً لنضال الشعب الفلسطيني المشروع في مواجهة الكيان المحتل، ومن أجل إحقاق حقوقه المشروعة في العودة وتقرير المصير.

لكن التحرك الأمريكي والأوربي السريع بعد سقوط (الأسد) يأخذ منحى جديداً في الشكل فقط، أما في الجوهر، فيمثل السعي الحثيث لصنع (سورية) تتماشى مع المخطط الأمريكي – الصهيوني المعدّ للمنطقة العربية بكاملها سياسياً وعسكرياً واقتصادياً.

ونعتقد أن سيناريو التحرك الأمريكي والأوربي اليوم يتضمن الحصول على ضمانات سياسية واقتصادية لتحقيق المخطط الأمريكي من الإدارة الحالية للبلاد.

غلف هذا السيناريو كالعادة بـ(الحرص) على حقوق الإنسان والديمقراطية، والشعب السوري بجميع أطيافه السياسية والدينية والإثنية يطمح إلى دولة ديمقراطية – مدنية، بالاستناد إلى دستور ينص على الحقوق السياسية والاجتماعية للمواطنين السوريين بموجب عقد مواطنة يضمن حقوق الجميع بغض النظر عن الجنس والدين والعرق والمعتقد، ونهج اقتصادي تعددي تنموي بعيداً عن توحش السوق الحر، وسياسات اجتماعية ترفع معاناة السوريين المعيشية وتنتشلهم من هاوية الفقر والمرض والتسرب المدرسي والجامعي، وتضع المرأة في مكانها الصحيح كمساهمة فعالة في الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية.

إننا في الحزب الشيوعي السوري الموحد نؤكد قدرة شعبنا على تحقيق الاستحقاقات الملحة أمام بلادنا دون إملاءات ودون ترغيب وترهيب الأمريكيين والأوربيين، ودون خطط صندوق النقد والبنك الدوليين، وهذا ما طالبنا به، وسعينا من أجله منذ بداية الأحداث في عام 2011، لكن الآذان كانت من طين!

إننا ندعو الإدارة الحالية للبلاد إلى تبني مطالب وطموحات الشعب السوري، والدعوة إلى مؤتمر حوار وطني شامل يضم القوى السياسية والدينية والعرقية، والنخب والشخصيات الوطنية، للتوافق على الغد السوري، ونوضح هنا أن الحوار الشامل والواسع لا ينسجم مع حوارات اللون الواحد، كي لا نعيد إنتاج الاستبداد والطغيان.

 

أما كفى السوريين فقراً وقهراً وظلماً؟

وبانتظار انعقاد مؤتمر الحوار، نلفت أنظار الإدارة الحالية للبلاد أن الاستغناء عن عشرات ألوف العاملين في الدولة والقطاع العام، وعدم زيادة معاشات المتقاعدين، في ظرف تصل فيه نسبة الفقر إلى نحو 85% والبطالة إلى 34% سيفاقم معاناة الفئات المتوسطة والفقيرة، والتي ذاقت الأمرّين خلال سنوات الجمر، ونعلن رفضنا لهذه الإجراءات.. كذلك فإن شعبنا التواق إلى السلم الأهلي والمصالحة الشاملة، تروعه عمليات الانتقام والقتل والاعتقال التي ترتكب بحق فئة معينة، وتحميلها مسؤولية جرائم النظام المنهار، فهذه العمليات ستؤدي في حال استمرارها إلى مزيد من التفتيت في ظرف نحتاج فيه إلى وحدة السوريين أرضاً وشعباً.

العدد 1140 - 22/01/2025