نعم للتعددية السياسية والديمقراطية .. لا للأحادية والاستبداد ولا للشمولية
إبراهيم الحامد:
لقد مرت المنطقة، وفي فترة قصيرة بأحداث ومتغييرات متسارعة وتراجيدية غير متوقعة من قبل أعتى مراكز الدراسات الاستراتيجية والمحللين السياسيين.
لقد جاءت تلك المتغيرات إثر “طوفان الأقصى” بتاريخ 7 أكتوبر عام2023، حيث دفع باليمين المتطرف الصهيوني لشن حرب وحشية مدمرة لقطاع غزة وجنوب لبنان واحتلال المزيد من الأراضي، ومهدت لفرض شروطه في أي مفاوضات مقبلة بين إسرائيل وكلاً من حكومات فلسطين ولبنان وسورية.
ولقد ظهر للعيان مدى التأثير الكبير على الأزمة السورية وأطراف الصراع فيها، حيث أُدخِلت سورية مرحلة جديدة يترقبها عموم الشعب بقلقٍ يشوبه الخوف من الغد وأملاً بغدٍ أفضل يتخلص مما وقع عليه من ظلمٍ واضطهاد وقمع فيما سبق، وقتلٍ وتدمير وتهجير طيلة سنوات الأزمة الثلاثة عشر دون إيجاد حل لها، وذلك بسبب تعنت النظام السابق، وعدم تجاوبه مع المتطلبات والدعوات المتكررة من القوى السياسية المعارضة الداخلية والقوى السياسية الموالية له في أحزاب الجبهة الوطنية التقدمية السابقة، إضافة لرضوخ قوى المعارضة الخارجية بشقيها المسلح والسياسي لأجندات والقوى الدولية والإقليمية الممولة لها.
لقد جاءت حرب غزة لتدفع بالمنطقة إلى حرب استنزاف القوى والتصفيات، وإعادة التموضع السياسي الدولي والإقليمي حول الأزمة السورية ووضع آليات حلها، والتي وِضِعَت من قبل اللاعبين الأساسيين في منصة آستانة، والتي عقدت أطرافها الدوليين والإقليميين اجتماعاً لها في الدوحة عاصمة قطر بتاريخ 7/12/2024 وبضوء أخضر أميركي اُستثني منه الأطراف السورية، وعقب ذاك الاجتماع وفي صبيحة 8/12/2024 السقوط التراجيدي لدمشق على يد ”هيئة تحرير الشام“ والخروج “الآمن” لرأس النظام وحاشيته وإسراع كلاً من الجيش وحزب البعث الحاكم والجبهة الوطنية لحل نفسههم.
وبذلك استجدت الأزمة السورية، ودخلت في نفق آخر قد يكون أعمق وأظلم من النفق السابق أو قد يكون هناك تباشير لظهور بصيص ضوء وأمل في آخره للوصل بسورية إلى برالأمان.
وهذا يعتمد بشكلٍ أساسي اليوم على عودة جميع القوى السياسية الموجودة في الخارج إلى الداخل السوري، وذلك بعد زوال الخطر الذي كان متوقع أن يتعرضوا له من قبل النظام السابق، ويترتب عليهم وعلى القوى السياسية والمسلحة في الداخل السوري إعلان فك ارتباطهم بالقوى الخارجية وأجنداتها، ويعلن الجميع ولائهم للشعب السوري والدولة السورية، والبدء بالحوار السوري-السوري في دمشق، تحضره جميع القوى السياسية الوطنية والتقدمية والدينية الممثلة للشعب السوري بكل أطيافه القومية والدينية، وبعيداً عن الأجندات الخارجية، وليكن همّ الجميع هوالشعب ولا غيره! والذي دفع ضريبة باهظة من الأرواح والأموال والتهجير وشظف العيش، والذي تنحصر دعواته وآماله اليوم، بأن يفضي الحوار السوري -السوري وفي عاصمتهم دمشق إلى التسوية السياسية والمرتكزة على:
1-وقف إطلاق النار وإنهاء العمليات العسكرية والقتالية على كامل الأرض السورية ونشر الأمن والسلام فيها.
2-البدء بالحوار السوري -السوري يحضره كافة ممثلي الشعب السوري من الأحزاب والقوى السياسية والدينية والاجتماعية.
3- عقد مؤتمر إنقاذ وطني ورفع دعوة لهيئة الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي والمنظمات الحقوقية الدولية، لانسحاب كافة القوى المحتلة الموجودة على الأرض السورية.
4- تشكيل حكومة تكنوقراط مؤقتة من المستقلين ذوي الكفاءات لإدارة المرحلة الانتقالية.
5- تشكيل لجنة كتابة الدستور من قبل المؤتمر وتحديد مهلة محددة لكتابته.
6- تشكيل مجلس القضاء الأعلى ومجلس الأعلى للانتخابات من المستقلين.
7 – أن يضمن الدستور الجديد إلى جانب الاسم والعلم والنشيد الوطني السوري الجديد، ثوابت أساسية التي يطمح إليها عموم الشعب السوري والتي يمكن اختزالها فيما يأتي:
* الحفاظ على الثوابت الوطنية.
* إعادة كافة الأراضي السورية المحتلة من دول الجوار السوري تنفيذاً للقرارات الدولية والشرعية الدلية.
* الحفاظ على وحدة سورية أرضاً وشعباً وسيادتها على كامل ترابها.
* بناء جيش وطني مستقل لحماية حدود الوطن وإعادة أراضيها المسلوبة إذا دعت ذلك، وحصر السلاح في يد الجيش.
سورية دولة مدنية تعددية ديمقراطية وعلمانية في إطار الشعار الوطني (الدين لله والوطن للجميع)والذي كان يردده الشعب السوري في كل العهود التي تعرض فيه للخطر.
سورية دولة يتشاركها كل قومياتها وتنوعها الثقافي ويتمتع الجميع بنفس الحقوق ويفرض عليها نفس الواجبات
* اعتماد مبدأ فصل السلطات الثلاثة وإستقلالية القضاء.
* نظام اقتصادي تعددي، ودعم وحماية القطاع العام الإنتاجي بشقيه الزراعي والصناعي هدفه الاكتفاء الذاتي والتوزيع العادل للثروة وتحسين معيشة الشعب ورفاهيته من خلال تأمين العمل لكل مواطن والضمان الاجتماعي للعاطلين عن العمل.
* تحقيق العدالة الاجتماعية بتأمين الضمان الاجتماعي وتأمين الصحي للعاملين والعاطلين عن العمل.
* ضمان حق التظاهر والاعتصام للقوى المعارضة لسياسات الحكومة
* تحريم القمع والاعتقال لأسباب السياسية أو الفكرية أو الرأي الآخر المختلف.
* إلزامية التعليم ومجانيته في كافة المراحل الدراسية، وإلغاء التعليم الخاص.
بذلك فقط يمكننا القول إنها بداية سليمة لنهاية أزمة مركبة سياسية واقتصادية واجتماعية، والتي ستعيد عجلة الاقتصاد على سكة التقدم الاقتصادي الإنتاجي، وإعادة بناء وإعمار سورية أفضل مما سبق، وهذا ليس بصعبٍ على الشعب السوري، إذا توفرت الحماية والديمقراطية والأمان وحرية العمل لكادحيه وأثريائه الوطنيين المنتجين، والذين يكتنزون خبرات عظيمة في مجال عمليات الإنتاج والتنمية المستدامة والاكتفاء الذاتي، وإعادة إعمار بلدهم، فمن دون ذلك، سينجر البلاد إلى المحاصصة الطائفية والعرقية المقيتة كما حدث في كل من لبنان والعراق والتي جرتها للتقسيم المقنع، وتجلب لها الويلات والكوارث يوماً بعد يوم.
ولأجل ذلك ليعمل السوريون لبناء وطنٍ حر وشعب سعيد.