سلامنا مع من حولنا منبعه سلامنا الداخلي

وعد حسون نصر:

بالتأكيد، إن سلامنا مع من حولنا منبعه سلامنا الداخلي، أي صحتنا النفسية السليمة. والصحة النفسية تعريفاً: هي حالة من الرفاه النفسي تُمكّن الشخص من مواجهة ضغوط الحياة، وتحقيق إمكاناته، والتعلّم والعمل بشكل جيد، والمساهمة في مجتمعه المحلي. أيضاً هي جزء لا يتجزأ من الصحة والرفاه اللَّذَين يدعمان قدراتنا الفردية والجماعية على اتخاذ القرارات وإقامة العلاقات وتشكيل العالم الذي نعيش فيه.

وعليه، فإن التعب النفسي لا يقلُّ أهمية عن التعب الجسدي، والجهد الروحي والنفسي لا يختلف ألمه وتأثيره علينا عن الجهد العضلي والجسدي. ربما عوامل كثير تؤثّر في نفسيتنا وتتعبنا وتجعلنا بحاجة الراحة النفسية، ولعلَّ أهمها الفقر وتدني المستوى المادي وانعكاسه على المستوى الاجتماعي، وكذلك العزلة والابتعاد عن الناس والانطوائية وعدم الرغبة بالتعايش مع الاخرين وبالتالي تدهور حالتنا النفسية. كذلك هناك أسباب عديدة تجعلنا عرضة لتأثير الضغط النفسي من أهمها:

-تفكّك الأسرة وتأثير هذا على الأطفال واليافعين.

-فقدان وظيفة أو مكانة إدارية أو اجتماعية عند الفرد.

-المبالغة بالخوف على أحبتنا وخاصة عند الأمهات وقلقهم الشديد على أبنائهم.

-أحداث مؤلمة مرَّ بها الفرد كالفشل في علاقة عاطفية أو الخذلان من أحد المقربين.

كل هذه العوامل تُعتبر أسباباً مباشر تعمل على تدهور الصحة النفسية. أيضاً هناك مفاهيم عديدة تندرج تحت ما يُسمّى أمراض الصحة النفسية أو أسباب تجعل الفرد في حالة نفسية مرهقة منها الاكتئاب والقلق والخوف من المجهول ومرض ثنائي القطب والانفصام. ولعلَّ مجتمعنا السوري للأسف الشديد بعد أزمته وما وقع عليه من ضغوطات بات يعاني من هشاشة نفسية، حتى أن المتعب فكرياً والمنهك جسدياً أضحى عدواني يحتاج لعلاج طويل الأمد كي يعود كما كان. وهناك جيل كامل من الأطفال واليافعين يحملون نفوساً متعبة مليئة بالفوضى والضوضاء، فهم أكثر حاجة للسلامة النفيسة ليعود مجتمعنا متعافي وتعود الألفة لقلوب أبنائه فيصبح مُتحاباً متماسكاً ومزدهر، لأن الحب والتسامح أكبر مقوّم لتقوية الذات وللعطاء وازدهار الأمم.

لذلك عندما ندرك جميعنا (مجتمعات وأفراد) أن تعزيز صحتنا النفسية والعناية بها لا يقلُّ أهمية عن العناية بصحتنا الجسدية، ونتيقن أن صحتنا النفسية مُكمّلة لصحتنا الجسدية هنا نُحسّن من سلوكنا لننعم براحة معقولة. وهنا، لابدَّ أن نبحث عن الطرق التي تساهم في إسعاد أرواحنا وتجعلنا أكثر طمأنينة لنسير نحو سلامنا الداخلي، خاصةً بعد الازمة والمحنة التي مرّت بها بلادنا، لابدَّ أن يلعب المجتمع المحلي دوراً كبيراً من خلال منظماته ومؤسساته التي تُعنى بالشؤون الإنسانية في تعزيز السلامة النفسية وعلاج أسبابها وخاصةً بين جيل الأطفال الذين هم عماد المستقبل، إذ كيف نبني وطن أطفاله وشبابه بحاله نفسية متعبة ؟ لذلك، لابدَّ من إدراك أن الصحة النفسية لا تقلُّ أهمية عن الصحة البدنية. فلنُحسِن التعامل وبلطف مع أنفسنا اولاً ومن ثم مع الآخرين، وكذلك السعي والبحث عن الأدوات التي تُسعد أرواحنا وتمنحنا الطاقة الإيجابية من أجل الابتعاد عن السلبية، وخاصة عبر وسائل التواصل الاجتماعي والاعلام المرئي، والأهم إبعاد الأطفال عن مشاهدة الفيديوهات التي يحتوي مضمونها على مشاهد عنف وضرب لأنها تؤدي إلى إزهاق الروح وتعب النفوس، ما يجعل الطفل يحمل في داخله الحقد والعدوانية، وبالتالي لابدَّ من العمل والسعي لإعادة تطهير نفوسنا داخل المجتمع السوري بعد أن دمّرتنا الأزمات وشتّتنا الظروف وفرّقنا القهر لنعود أصحاء مُعافين بالحب، وقلوبنا مغمورة بالفرح .

العدد 1140 - 22/01/2025