واقع عمالة الاطفال السوريين وموقف القانون منها
د. عبادة دعدوش:
يصادف يوم 12 حزيران (يونيو) من كل عام (اليوم العالمي لمكافحة عمل الأطفال)، وهي مناسبة لتسليط الضوء على معاناة الأطفال العاملين في مختلف دول العالم، والعمل على إيجاد الحلول لإنهاء هذه الظاهرة الخطيرة.
ووفقاً لمنظمة العمل الدولية، فإن هناك أكثر من ١٠٠ مليون طفل في العالم يعملون في ظروف خطرة تُضرُّ بصحتهم ونموّهم وتعليمهم، كما أنهم يتعرّضون لانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان.
وتعتبر ظاهرة عمل الأطفال إحدى المشكلات الخطيرة التي تواجه المجتمع السوري، فقد خلّفت الحرب الوحشية على سورية الكثير من المشكلات التي أدّت إلى تفاقم هذه الظاهرة بشكل كبير. فقد نزح ملايين السوريين عن ديارهم، وفقدوا سبل عيشهم، وأصبح الأطفال جزءاً لا يتجزأ من القوى العاملة الرخيصة في البلاد .
وتشير التقديرات إلى أن ما يقرب من ثلث الأطفال السوريين في سن العمل (5-17 عاماً) يعملون في أعمال لا تناسبهم، وأنهم يمثلون نحو 20% من إجمالي القوى العاملة في البلاد، إذ يعمل هؤلاء الأطفال في مجموعة واسعة من المهن، وبضمن ذلك العمل في الزراعة والبناء وتصنيع الملابس والتسول.
ويواجه الأطفال العاملون في سورية العديد من المخاطر، ومن ذلك التعرّض للإصابات الجسدية والنفسية، والحرمان من التعليم والرعاية الصحية، والإساءة والاستغلال. كما أنهم أكثر عرضة للوقوع ضحايا للاتجار بالبشر.
القوانين السورية تحظر عمل الأطفال دون السن القانونية، وتُحدّد سن دخول سوق العمل بـ16 عاماً. كما توجد أحكام خاصة في قانون العقوبات السوري تحظر استخدام الأطفال في الأعمال الخطرة أو غير الأخلاقية. ومع ذلك، فإن هذه القوانين لا يجري تطبيقها بشكل فعّال، خاصة في ظلِّ الظروف الصعبة التي تمرُّ بها البلاد من فقر وتهجير وبطالة وجهل بعض العائلات بأهمية تحديد أعداد الأبناء خلال مراحل الإنجاب.
كما أن هناك حاجة ماسّة إلى جهود دولية منسقة للتصدي لهذه الظاهرة الخطيرة، وتشمل هذه الجهود دعم برامج التعليم والحماية الاجتماعية للأطفال والشباب، ومشاريع خلق فرص العمل للبالغين، وتقديم المساعدة القانونية للأطفال العاملين.
كما يجب أن يشكل اليوم العالمي لمكافحة عمل الأطفال مناسبة لتجديد الالتزام بحماية الأطفال من الاستغلال والعمل القسري. ويجب على الحكومات والمجتمع الدولي اتخاذ خطوات ملموسة لإنهاء هذه الظاهرة، وإعطاء الأطفال فرصة عادلة للنمو والتطور في بيئة آمنة وخالية من المخاطر.