الشباب السوري مثقلٌ بهموم تجعل حاضره مريراً ومستقبله أكثر مرارة!

د. عبادة دعدوش:

يُقال: إن أردت أن تمتلك المستقبل فعليك أن تمتلك الشباب.

ولكن، إن أردنا أن نُطبّق هذه المقولة في بلدنا الحبيب سورية، فأين هم شبابها؟ وما هو مستقبلها؟!

فالشباب السوري مُثقَلٌ اليوم بهموم ومشكلات أكبر من قدراته بكثير، إذ يواجه العديد من التحديات والصعوبات الشخصية والحياتية في زمن فيه أكبر تعقيدات اقتصادية واجتماعية تجعل من الصعب على الشباب الحصول على أبسط حقوقهم، أو تحقيق أحلامهم وتطلعاتهم، ممّا يجعل الهجرة او السفر أكبر أحلامهم لضمان مستقبل أقلّ مرارةً من واقعهم.

فما هي أبرز المشكلات والصعوبات التي يعاني منها الشباب السوري:

_ البطالة: أحد أكبر التحديّات التي يواجهها الشباب في الوقت الحالي هو نقص فرص العمل المناسبة. وبالتالي، فإن هذه البطالة تُسبّب العديد من المشكلات النفسية والاقتصادية.

_الافتقار إلى المهارات: من الجدير بالذكر أن البعض من الشباب السوري يفتقر إلى المهارات الضرورية لسوق العمل الحالي العالمي، ويعود ذلك لعدم مواكبتهم العصر والتطور تكنولوجياً ممّا يجعلهم أقلّ كفاءة.

_ الأجور الزهيدة: إن أقل متوسط دخل في العالم هو دخل المواطن السوري، فهو لا يكفي لشراء ٣ أو ٤ كيلو من اللحوم، وهنا نتكلّم عن الخبير منهم، فما بالك بالشباب المبتدئين أو الجُدُد والذين يكون متوسط رواتبهم لا يكفي أجور مواصلاتهم؟!

_ الهجرة والسفر: أغلب الشباب السوري يفكّرون في السفر أو الهجرة بحثاً عن مصدر دخل أفضل واستقرار في الأوضاع المعيشية وتوفر الخدمات الأساسية.

_ ضغوط الحياة المعيشية والاجتماعية: يواجه الشباب ضغوطاً معيشية غاية في الصعوبة والشدّة من مختلف الجوانب، عدا الضغوطات الاجتماعية كالزواج، وتحقيق التوازن بين العمل والحياة الشخصية، وتحمّل مسؤولية العائلة وتوفير مستلزمات العيش لها.

_ ارتفاع تكاليف المعيشة: يصعب على الشباب تحمّل تكاليف المعيشة المتزايدة، ممّا يؤثّر على جودة حياتهم وقدرتهم على تحقيق أهدافهم.

_ نقص المهارات الحياتية إضافة إلى المهارات الوظيفية: يعاني الكثيرون من الشبّان من نقص في المهارات الحياتية مثل التواصل الفعّال، وإدارة الوقت، وحلّ المشكلات.

_ قلّة الوعي المالي: يواجه العديد من الشباب صعوبة في إدارة مواردهم المالية بفعّالية، وخصوصاً في خضم عدم توازن الدخل مع المصروف الكبير، ممّا قد يؤدي إلى مشاكل كبيرة كالديون والتخطيط المالي الخاطئ.

_ قضايا الصحة النفسية: يعاني العديد من الشباب من مشاكل نفسية مثل الاكتئاب والقلق، ومنهم من يتوجّه إلى تعاطي المخدرات أو الكحوليات لعدم التفكير أو للفراغ الذي يعيشونه في محاولة منهم لصناعة لحظات سعيدة من وجهة نظرهم.

_ضعف الدعم الاجتماعي والأسري: قد يكون لدى بعض من الشباب رغبة في العزلة لعدم وجود دعم كافي من الأسرة أو الأصدقاء أو المحيط، ممّا يزيد من مشكلاتهم النفسية والعاطفية ويفقدهم الثقة بأنفسهم أو يجعلهم متمردين على المجتمع بسلوكيات غريبة خارجه عن المألوف.

لكن، ومع كل هذه التحديات والمشكلات يوجد العديد من الحلول العملية التي يمكن تنفيذها لمساعدة الشباب في التغلّب على تحدياتهم وبناء مستقبل مشرق ومزدهر لهم، منها:

*توفير برامج تدريبية مهنية ومهارات حياتية، فهذه البرامج تساعد الشباب في تطوير مهاراتهم وزيادة فرص العمل المتاحة لهم، ممّا يحسن من وضعهم المعيشي والاقتصادي.

* تشجيع الوعي المالي وتقديم تدريب مالي للشباب يُعدُّ حلاً مهماً أيضاً. فالشباب الذين يفهمون كيفية إدارة أموالهم بشكل صحيح وكيفية التخطيط المالي السليم، سوف يكونون قادرين على بناء مستقبل مالي أفضل لأنفسهم.

*ومن أهم الحلول العملية هي ريادة الأعمال وبناء مشاريع صغيرة ريادية للشباب، ودعم هذه المشاريع من الحكومة ومن المجتمع، وتوفير خطط تمويلية ميسّرة وبرامج دعم مالي للراغبين في بدء مشاريعهم الريادية والصغيرة، فهذه المشاريع أساس مهم جداً في بناء الاقتصادات العظيمة.

علاوة على ذلك، يجب توفير خدمات دعم نفسي واجتماعي سهلة الوصول للشباب الذين يعانون من اعتلال صحة نفسية. يمكن أن تُحدِث هذه الخدمات فارقاً كبيراً في حياة الشباب ومساعدتهم على التعامل بفعالية مع التحديات النفسية التي يواجهونها ممّا يزيد من انتاجيتهم وعطاءاتهم.

بشكل عام، من الضروري إيجاد الحلول العملية التي تُمثّل توازناً بين تطوير المهارات الوظيفية والحياتية، وتعزيز الوعي المالي، إضافة إلى توفير الدعم النفسي والاجتماعي، هذه الحلول هي الأكثر فاعلية في مساعدة الشباب على تحقيق النجاح والسعادة في حياتهم، إنها بالنسبة لهم الأمل لبناء مستقبل مشرق لهم وللبلاد.

العدد 1140 - 22/01/2025