الرصاص والبارود لا يُخلّفان غير البرد والظلام

بقلم ريكي كارلسون / رئيسة الحزب الشيوعي في الدنمارك:

 ترجمة: د. شابا أيوب:

من الواضح أننا نحن_ المطالبين بالسلام_ أناس شجعان، ولكن يبدو أن الناس الذين يُطالبون بالسلام كحلّ للنزاعات هم أكبر أعداء العالم في نظر مروّجي الحروب.

نحن نواجه خطراً حقيقياً يتمثل في نشوب حرب عالمية، بسبب الصراع في أوكرانيا، حيث يُموّل حلف الناتو وكيله ويُسلّحه ويدرّب جنوده وضباطه ويُحوّل أوكرانيا إلى معرض للأسلحة، إلى جميع الحروب المنسية التي تدور رحاها الآن في جميع أنحاء العالم.

 

استفزازات وحروب

تنخرط الولايات المتحدة في سلوك استفزازي تجاه هونج كونج وتايوان، وهي تهدّد كوريا الشمالية وفنزويلا ونيكاراغوا وسورية وإيران، وبينما تتورط كل من بريطانيا والولايات المتحدة في عدوان السعودية القاسي على اليمن، نرى عدوان إسرائيل على آخر ما تبقّى من فلسطين، واحتلال المغرب للصحراء الغربية، وحرباً وشيكة بين تركيا واليونان، فضلاً عمّا يحدث في القارة الإفريقية.

إنّ سياسيينا وعن عمد لا يقرؤون التاريخ جيداً، ولا يهتمون حتى بالتاريخ الذي يكتبه Google عن كل بلد.

إنهم يختارون عمداً إنفاق دخل الدولة على الحروب وفي بناء القواعد العسكرية بدلاً من بناء المدارس.

 

 

تعلّمْ من التاريخ

نحن بعض الذين لدينا دراية بالتاريخ وما يحصل في أوكرانيا.

بدأنا بإدانة العنف المتصاعد ضد الأوكرانيين الناطقين بالروسية في منطقة الدونباس بعد انقلاب 2014، وتمثّل هذا العنف بهجمات أسفرت عن مقتل 14000 شخص على يد القوات الأوكرانية.

وكان من نتائج هذه الهجمات أن ما يقرب من 4 ملايين أوكراني ناطق بالروسية اضطروا إلى الفرار إلى روسيا.

لقد أيدنا اتفاقية مينسك للأمم المتحدة، التي رفض الرئيس الأوكراني الالتزام بها، مما أدى إلى الغزو الروسي في 24 شباط (فبراير) ومقتل وتشريد العديد من المدنيين. ومن وجهة نظرنا فإن الحرب والغزو ليستا الحل أبداً،

ولكن عندما تتجاهل الولايات المتحدة ودول الغرب دور الأمم المتحدة كوسيط سلام وتلجأ إلى الحرب فقط، وتدعم دول الغرب أوكرانيا في عدم تنفيذ اتفاقية مينسك، عندئذٍ تُلغى إمكانية تحقيق السلام.

 

(بطل الحرية) زيلينسكي

الآن يُشيد الغرب بمن يُسمّى بالمحرّر، (بطل الحرية) زيلينسكي، وبالذين يدعمونه، الذين يستغلّون حالة الحرب لبيع بلدهم لمن يدفع أكثر. لقد تم تنفيذ مداهمات رسمية وتطهير عرقي ضد السكان الناطقين بالروسية.

وسنَّ زيلينسكي قوانين تنهي جميع الاتفاقات الخاصة بالعمل، مما يؤثر على 94٪ من القوة العاملة. كما تم إدخال عقود عمل دون أي ضمان، ويُحرم (الموظفون) من فرصة البحث عن عمل آخر وهم جاهزون لها. أمّا المنظمات والأحزاب الديمقراطية فمحظورٌ نشاطها، مما يجبرها على العمل بشكل غير شرعي.

في 6 أيلول (سبتمبر)، افتتح زيلينسكي بورصة في نيويورك قائلاً إن بلاده منفتحة على الشركات الأجنبية التي ستستغل فرصة المشاركة في بيع الشركات المملوكة للدولة بقيمة إجمالية 400 مليار دولار. لذلك لا يمكننا دعم هذه الأمّة.

 

العمل من أجل السلام

نحن، المُطالبين بالسلام كحلّ، نعارض التعاون النشط بين البرلمان الدنماركي وحلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوربي بخصوص مواصلة تصعيد الحرب في أوكرانيا، ونرى أن العقوبات ضد روسيا لا تساعد بشيء، إنها تؤثر علينا فقط ونحن لن ندفع هذا الثمن.

نحن ضد الحرب لأنها تتعلق بحياة البشر، ولسنا أبداً مع بيع الأسلحة. نحن ضد الحرب لأنها تضر بالبيئة، والبنية التحتية، والرفاهية والحياة اليومية. إن تضامننا يكمن مع الناس العاديين في كل من أوكرانيا وروسيا وفي المناطق الأخرى التي مزقتها الحروب، فهم الضحايا المباشرون للحرب، وهم وقود لمدافع التنافس الإمبريالي.

ندعو قوى السلام العالمية للمطالبة بوقف إطلاق النار ووقف العقوبات التي لا تؤثر على الأغنياء، بل علينا نحن الناس المسالمين العاديين في كل من أوربا وروسيا. ونحتج أيضاً ضد ارتفاع أسعار المواد الغذائية والطاقة، وبالطبع سنطالب برفع الحد الأدنى للأجور في الاتحاد الأوربي، لكن يجب علينا ربط كل ذلك بالنضال ضد الإمبريالية. إنها المعركة نفسها، فما فائدة النضال من أجل الحصول على راتب أعلى حين تدفع أسعار باهظة للطاقة؟ ففي هذه الحالة نكون قد خسرنا الكفاح من أجل السلام.

يجب التحلّي بالشجاعة، كما يجب علينا إعادة كتابة التاريخ وإنقاذ العالم. فمن هو بنظركم ذلك الذي يجرؤ على تحمّل هذه المسؤولية؟

 

 

العدد 1140 - 22/01/2025