شو عم يصير | تصريحات (ستوك)

مادلين جليس:

أحمر شفاه أصلي بمئتي ليرة، بيجاما كاملة بألفي ليرة، أما البوط الأصلي فبثلاثة آلاف ليرة قبل المراعاة طبعاً، وكل ما يلزم سيدة المنزل من عدة المطبخ، بمئة ليرة للقطعة الواحدة، هذه النداءات التي نسمعها كثير عند المرور ببسطات جسر الرئيس ذكّرتني بتصريحات مسؤولينا، فهل تعلمون ما وجه الشبه بين بائعي البسطات ومسؤولينا.
بمقارنة بسيطة جداً بين بائعي البسطات والمسؤولين نجد أوجه تشابه كثيرة، منها أن الطرفين لا حيلة لهما سوى الكلام، واحد يصرّح بالميكروفونات ومن فوق المنابر، والآخر يبحّ صوته في الصراخ دون ميكرفون، ومن منبر الجسر، أو الرصيف الذي يقف عليه.
كما أن الاثنين يجلبان التفاؤل من خلال تزييف الواقع الذي يبعثانه بكلامهم، فالمسؤول يدّعي عدم وجود أزمات، وأن الأوضاع تتحسن تدريجياً، سواء بالكهرباء التي تزداد انقطاعاً بعد كل تصريح، أو بالغاز الذي يطير في الهواء بعد كل تبرير، أو حتى بالأسعار التي تكوي بعد كل محاولة ضبط حكومية لارتفاعها، وحتى من خلال الأسعار التي ينادي عليها البائع على البسطة، والتي تجعل المواطن في حالة فرح دائمة، إذ إنه يشتري كل مستلزمات منزله بما لا يتجاوز العشرة آلاف ليرة، ويبقى جزء كبير منه يصرفه على الرفاهية و(الملذات الشخصية).
يأتي العامل الثالث المشترك بينهما ووجه الشبه المميز، أن كلا الطرفين يصيبان المواطن بالإزعاج، ويضخّان له ألماً في الرأس لا يستكين، ويجعلانه يشعر أنه دخل في صداع لا ينفع معه أي نوع من أنواع المسكنات، إضافة إلى أنه لا ينتهي إلا بانتهاء هذه التصريحات.
أما الشبه الأكبر بين تصريحات المسؤولين وتصريحات بائعي البسطة، فهو أن البضاعة التي يعرضها كلٌّ من الاثنين بكلامه: هي (ستوك)، وأن المواطن لا يلبث أن يكتشف الكذب الكبير والتزييف غير المعقول في كلام كلٍّ منهما.
بعد كل ذلك بتّ على ثقة أن مسؤولينا دفنوا مواهبهم وقدراتهم مع هذا الشعب الجاحد لنعمته، وأنهم ظلموا إذ لم يقوموا باستغلالها في أماكن مفيدة لهم غير المنابر الحكومية، التي جحدت أيضاً بمواهبهم الفذة، في حين استطاع بصوته العالي وهتافاته وتصريحاته القوية كسب الأموال وكسب قلوب الناس وخاصة الجنس اللطيف منهم.

العدد 1140 - 22/01/2025