حرب الطائرات الطنانة… حرب بلا قواعد

منذ بداية الحرب على أفغانستان في شباط2002، لم تتوقّف الولايات المتحدة عن زيادة ترسانتها من الطائرات الطنانة، تلك الطائرات العسكرية التي بلا طيار. وحالياً لدى الجيش الأمريكي ووكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية ما بين 6000 و7000 طائرة منها. بداية، لم تُنشر هذه الأسلحة إلاّ نادراً جداً لمهاجمة أهداف أساسيّة. واليوم، لدى الولايات المتحدة وفرة منها ويمكن استخدام هذه الطائرات لمهاجمة جميع أنواع الأهداف. فالطائرات التي بلا طيّار هي السلاح الجديد في حرب عالميّة لا قواعد أو حدود لها.

من بين مختلف أنواع الطائرات الطنانة يمكننا أن نذكر ال Raven التي لا يزيد وزنها على كيلوغرام، ولا يمكنها الطيران أكثر من 90 دقيقة. وثمّة طائرات أكبر بلا طيار، كال MQ1-predator، وهي قادرة على البقاء في الجو 24 ساعة، ولديها مجال عمل يزيد على 1000 كم. وهذه الطائرات الطنانة مجهّزة بصواريخ هيلفاير Hellfire القويّة جداً. وحتّى الآن، استخدمت الطائرات الطنانة المسلّحة على نحو أساسي في أفغانستان والعراق وباكستان واليمن والصومال وليبيا.

إن معايير نشر الطائرات الطنّانة، وكذلك العدد الدقيق للمرّات التي تمّت فيها الاستعانة بها، هي معلومات غاية في السرّية. وتأتي المعلومات التي لدينا من مصادر غير رسميّة، وخصوصاً من وسائل الإعلام وسلطات البلاد المتضّررة، أو أيضاً من مؤسسات مثل مكتب الصحافة البحثيّة Bureau of Investigative Journalism في لندن، الذي يكشف على موقعه على الشبكة عن معلومات دقيقة جداً عن الطائرات الطنّانة. وتتعلّق معظم البيانات المعروفة بباكستان. وحسب الأرقام الصادرة عن وسائل الإعلام، كان ذاك البلد هدفاً، حتّى 16 تشرين الأوّل من هذا العام، ل349 هجوماً شنّته طائرات طنّانة، ما أدّى إلى مقتل ما بين 2593 و3365 شخصاً، وجرح ما بين 1249 و1389. ويدلّ عدد القتلى الأكبر بكثير من عدد الجرحى على القوّة التفجيريّة العالية لصواريخ هيلفاير.

 

مجازر تعسّفية

حسب الرواية الرسميّة للحكومة الأمريكيّة، لا توجد عملياً ضحايا بين المدنيين. لكنّ هذا التأكيد لا يستند إلى أيّ دليل أو إشارة. على عكس ذلك، وفي جميع الحالات، ليست غالبية الضحايا من (ممثلي تنظيم القاعدة)، بل هم أفراد بسطاء من القبائل المحلّية التي لا تشكّل أي تهديد للولايات المتحدة. في الواقع، وراء هذه الهجمات (المُستهدِفة) تختبئ مجازر تعسّفية، كما يتضح مما تُسمّى بضربات (الربتة المزدوجة). ويقوم مبدؤها على قصف منزل مرّة أولى ثم بعد نصف ساعة على ذلك، توجّه ضربة أخرى تستهدف الأشخاص الذين جاؤوا لإنقاذ ضحايا الضربة الأولى.

ولكن البيانات المتعلّقة باليمن والصومال أقل دقة. فهناك شُنّت الهجمات بموافقة السلطات المحليّة. ووفقاً لمكتب الصحافة البحثيّة، نُفّذت 138 ضربة في اليمن، منها 76 ضربة بوساطة طائرات طنّانة، راح ضحيتها ما بين 357 إلى 1038 شخصاً. أمّا الصومال، فقد استهدفتها 23 ضربة جوية من جميع الأنواع موقعة ما بين 58 و170 قتيلاً. وقد يصبح شمال إفريقيا الغربي قريباً هدفاً للطائرات الأمريكية التي بلا طيّار. فبعد تدمير حلف شمال الأطلسي لليبيا، صارت هذه المنطقة غير مستقرّة. وقد بنت الولايات المتحدة شبكة مطارات في الساحل الشرقي من أجل نشر طائراتها الصغيرة ذات المحرّك الواحد. ويمكن لهذه المطارات أن تتحوّل بسرعة كبيرة إلى مطارات مخصّصة لإقلاع الطائرات التي بلا طيار وهبوطها.

 

عن موقع (حزب العمل البلجيكي)

العدد 1140 - 22/01/2025