هيغ… واليقظة المتأخرة!
تصريح وزير الخارجية البريطانية وليم هيغ واعترافه المتأخر بوجود مجموعات إرهابية تنتمي إلى تنظيم القاعدة في سورية، وأنها يمكن أن تشكل خطراً على أوربا، أثار الاستهجان.. فالدبلوماسي المخضرم ووزير خارجية الدولة العظمى وريثة الإمبراطورية التي لم تكن تغيب عنها الشمس، والذي ظل عامين كاملين يدافع عن المجموعات المسلحة في سورية وحقها في مقاتلة الجيش الوطني. وشارك مع نظرائه في دول عديدة مثل الولايات المتحدة وفرنسا وتركيا ودول الخليج في تمويل هذه المجموعات وتدريبها وتغطية مرورها من دول الجوار إلى الداخل السوري. وعدّ نشاطها (دفاعاً عن الشعب السوري وحقه في الحرية والكرامة)، وظل يتهم السلطة السورية والجيش ب(ارتكاب المجازر والعنف المفرط) دون أي دليل موثق.. وصمّ أذنيه عن سماع أي تقرير موضوعي يكشف حقيقة تورط الجماعات التكفيرية الجهادية في ارتكاب المجازر وأعمال الخطف والتهجير وإثارة الفتن المذهبية والطائفية.. هذا الوزير عينه استيقظ مؤخراً ليشير إلى خطورة هذه المجموعات الإرهابية على أوربا.
أما خطر المجموعات المسلحة التي تلقت دعماً من الدول الغربية، وفي مقدمتها بريطانيا، على شعوب المنطقة، وجرائمها الفظيعة التي ارتكبت في سورية ومن قبلها العراق ولبنان، فهو أمر لا يكترث له الوزير هيغ. وكأنه ظنّ مع نظرائه الذين دعموا (سراً وعلناً) هذه المجموعات، أن إرسالها إلى سورية يمكن أن يخلّص الدول الأخرى من جرائمها، ويعفيها من مواجهتها، كما يمكن أن يضعف تماسك الدول المستقلة في المنطقة، ويسهّل التدخل في شؤونها واستتباعها من جديد.
ولا داعي لتذكير الوزير هيغ بوعد بلفور الذي قطعه سلفه للصهيونية العالمية، بشأن إقامة دولة إسرائيل عام 1917، وما شكله ذلك من تهديد للاستقرار وعدوان واحتلال في المنطقة، ولا داعي لتذكيره بالحكمة المشرقية التي وردت على لسان الجامعة بن داود وتقول: (من يزرع الريح يحصد العاصفة)، فهو يعرفها ولا يحترم مضمونها، مثل أي صلف مكابر.