واقع الفلاحين مزرِ.. والحكومة أذن من طين!

يستحق أهالي الريف الاهتمام الحكومي بشؤونهم المعيشية والحياتية أكثر، كما يستحق الريف برامج وخططاً تنموية تستهدف حل مشكلاته، ومن أبرزها معالجة البطالة التي يعانيها أهله، وضيق ذات اليد التي يرزحون تحتها، فضلاً عن تأمين احتياجاتهم من المواد الأساسية وغيرها، وتوفير الخدمات اللازمة لحياة كريمة يستحقونها.

وتُظهر المؤشرات تراجعاً في المستوى الاقتصادي لسكان الريف السوري، إذ إن نصف الأسر في البادية والأرياف يعانون حالةً معيشية صعبة، وفقاً لنشرة حالة الجفاف، وهذا يعكس بالدرجة الأولى عدم الاهتمام الحكومي بحالة الريف السوري، وعدم إيلاء سكانه الذين يعمل جلهم بالزراعة، بشقيها النباتي والحيواني، أدنى اهتمام، وتركهم يعانون المشكلات والقضايا التي تواجههم دون معين حكومي، ويواجهون مصيرهم بلا رعاية. فالريف السوري وباديته اللذان يقدمان الغذاء للمواطنين، يرزحان تحت نير الإهمال واللامبالاة الحكومية، فالزراعة مهملة والثروة الحيوانية في أحلك ظروفها، كما أن المواسم الخيرة التي ينتظرها الفلاحون لم تعد تأتي، مادامت مستلزمات العملية الزراعية غير مؤمنة. والدعم الذي تزعم الحكومة أنها تقدمه لا يفي بالغرض المطلوب، أمام الارتفاع المذهل والكبير في أسعار مستلزمات الزراعة، ووجود حفنة من التجار الذي يستغلون جهد الفلاحين وتعبهم، ويجنون من وراء ذلك الثروات، بينما يبقى الفلاحون غارقين في فقرهم وسعيهم الذي لا ينتهي لتأمين سبل العيش الكريم لأسرهم.

الإهمال وعدم الرعاية وغياب الدعم والخطط التنموية في الريف السوري، كل ذلك دفع كثيراً من الفلاحين لمغادرة أراضيهم، وتركها دونما زراعة، وبيعها أحياناً لتجار الأراضي الذين تمكنوا في غفلة من العين الحكومية من تحويلها إلى أراض عقارية، فالتهمت العقارات السكنية الأراضي الخضراء، وتحول مصدر الرزق لنصف القوى العاملة المحلية إلى أبنية، والأرض التي كانت تنتج القمح والقطن والشوندر السكري.. إلخ صارت بيوتاً سكنية. والسؤال: ماذا تنتظر الحكومة من فلاح، واقعه مزر، وأرضه لا تقدم له ما يسد رمق أسرته؟ هل تنتظر منه أن يبقى صامداً فيها؟ يعاني شظف العيش، بعد أن حوّلته خطط الحكومة وإهمالها إلى فقير بامتياز؟  المؤشرات التي تتحدث عن واقع الفلاحين وأسرهم ومن يقطن في البادية تعبر عن مدى الحالة الصعبة التي تمر عليهم وتنعكس سلباً على مدى قدرة استمرارهم، وهي تتطلب اهتماماً حكومياً يتجاوز في حده الأدنى الخطابات والشعارات التي بات سماعها لايغني ولا يسمن من جوع.

العدد 1140 - 22/01/2025