وقف الهجمات الوحشية والعمل على إنجاز الحل السياسي

مفهوم أن تنشب ثورة أو حرب أهلية أو اضطرابات عنيفة في بلد من البلدان لأسباب عدة، بعضها محلي، وبعضها بفعل عوامل خارجية، وغيرها.

ومفهوم أن تستعمل الأطراف المنخرطة بها، الكثير من أدوات وأسلحة القتال بعضها ضد بعض. وقد اصطلحت الهيئات الدولية، السياسية منها والإنسانية، على وضع حدود لما يستعمل في هذه الحروب، أسميت بالأسلحة المحرمة أو الفتاكة أو غيرها.

أما أن يحدث الاختراق، في سورية، في هذا البلد المسالم (الوسطي) بكل مكوناته الثقافية والإنسانية والاجتماعية، وتتحول إلى مسرح عمليات أشبه بمسالخ بشرية، فهذا ما يثير الاشمئزاز والرعب.

كل أبناء وبنات بلادنا يتساءلون، والحزن يعصر قلوبهم والخوف من الموت القادم يغتال كل طمأنينة فيهم: من هم أولئك الذين يتقدمون بكل شراسة وبروح مفعمة بالإجرام بين صفوف الناس الذين تزدحم بهم في الشوارع ويفجرون في وجوههم العبوات الناسفة التي تحصد المئات في لحظة واحدة؟ ألم يروا أشلاء ضحاياهم ممزقة أمام أعينهم وتتناثر هنا وهناك. وسواء أراد الفاعلون أن يموتوا طوع إرادتهم ويفجروا أنفسهم في قلب المذبحة أم لا، فهذا شأنهم، أما الضحايا فهم يريدون الحياة ولا يريدون الموت، وإن جاءهم الموت فسيكونون أول المستقبلين له، إذا كان على بطاح الجولان أو فلسطين.

نقول هذا ودماء شهداء المدينة الوادعة جرمانا، في ريف دمشق وفي مدينة حمص، لم تجف بعد، ولم توارَ أجسادهم الطاهرة، الثرى حتى الآن.

فمن يستهدف المجرمون عملياتهم الانتحارية المتواصلة في هذه المدينة، وما الذي يحققونه من قتل الأطفال والنساء والشيوخ والشباب وهم بشر عاديون مسالمون بكل ما في الكلمة من معنى؟ فإذا كان هدفهم إثارة روح الانتقام واستثارة غريزة الثأر لدى أهالي الضحايا ومواطني المدينة، فقد خاب فألهم، ذلك أن الروح الوطنية العالية المتجذرة في سكانها هي أسمى وأعمق من أن يُستجرّوا إلى حالة الفوضى التي يريدها لهم المجرمون.

الكثير من المحافظات السورية عصفت بها رياح الإجرام الانتحارية هذه طوال الأشهر الماضية وحصدت أرواحاً كثيرة، ولكن فاعليها لم يحصدوا إلا لعنة السوريين والعرب والعالم أجمع.

لقد تحوّل الانتحاريون الذين خربوا منشآت دولتنا الاقتصادية والخدمية، وأشاعوا الرعب في نفوس شعبنا، إلى عنصر خطير في استمرار الأزمة السورية تحمل في طياتها ملامح كارثية، ما لم يتوقف محرِّضوهم ومموِّلوهم عن استمرار مدهم بالسلاح والمال والرجال، عبر الحدود التركية- السورية، وغيرها. وعلى مسؤولي البلدان الإمبريالية أن يخفوا وجوههم خجلاً من  تشجيعهم للأعمال البربرية التي تجري ضد الشعب السوري بكامل فئاته ومكوناته، وهم الذين يتاجرون كذباً ب(الديمقراطية) و(الإنسانية).

أما شعبنا السوري الجريح، فلن ينجرَّ إلى محاولات إثارة الفتنة الشاملة في البلاد، وسيظل نابذاً لروح الثأر والانتقام، رافعاً علم سورية العربية الحرة المقاومة، وساعياً إلى إعادة الاستقرار والأمن في البلاد وتحقيق الحل السياسي والانطلاق نحو الديمقراطية والعدالة الاجتماعية.

العدد 1140 - 22/01/2025