الاتجاه إلى التقسيم… حقيقة أم وهم؟! قد تتمنع الجغرافيا ويرفض السوريون… لكن النيات السيئة متوفرة!
أسعد عبود
ذكرت أنباء الأسبوع الماضي أن مسؤولين ألماناً اقترحوا رفع العقوبات عن الأجزاء من سورية الواقعة تحت سيطرة مسلحي المعارضة ومن في صفهم. لم يأت حديث الألمان من عبث، ولا هو خصوصية نظرة لهم بالشأن السوري. لقد شكل ذلك هاجساً مستمراً، وما زال، لكل القوى المناوئة للحكومة السورية، منذ أن أشرق في أذهانهم سطوع النموذج الليبي، وهم جميعاً يبحثون عن بنغازي أخرى يتخذون منها قاعدة انطلاق دائمة، ويتلقون فيها الدعم والمساعدات التي يرجونها.
الدعوة إلى ذلك سلكت مسالك عدة.. ممرات آمنة.. مناطق إيواء للمدنيين الفارين.. إلخ، وآخر ما حرر في الأمر أن يتخذ من هذه المناطق موقعاً للحوار، وهو ما تحدث عنه لوقت ما الشيخ معاذ الخطيب رئيس الائتلاف المعارض، ثم تشكيل إدارة له أو حكومة مؤقتة كما يعلن هذا الائتلاف اليوم.
قبل أن أخوض بالفكرة أبعد، أود أن أوضح: أنني أربأ بنفسي عن اتهام أي سوري، في المعارضة كان أم في الموالاة، أن يتجه عقله هذا الاتجاه الكارثي؟! أبداً.. لا أصدق وهو لا يصدق.. أن في سورية من يفكر هكذا، إلا إن كان يرى أن في الحياة مصلحة تعلو على مصلحة الوطن؟! شخصية كانت أم دينية أم طائفية.. وبأي شكل كانت.
لكن السؤال الخطر:
هل تكفي القناعات الوطنية لدى السوريين لحماية تلقائية لسورية من التقسيم؟ أم يمكن أن نرسم بأيدينا أو أيدي بعضنا على الأقل، ما ترفضه عقولنا ووجداننا وإراداتنا؟
لا حدود للمخاطر المحدقة بالوطن السوري، كما لا حدود للغباء الذي يظهره سلوك نسبة كبيرة من السوريين. وبتقديري أن مستوى هذا الغباء السياسي والحياتي كافٍ لأن يشكل أكثر من غطاء لتقسيم ننجرّ إليه دون أن ندرك إلى أين نسير.. وتزيد الخطورة.. جداً.. جداً إن طالعنا حقيقة المواقف والدوافع التي تحرك الجهات المتدخلة بالشأن السوري، والتي هي أقوى بكثير من السوريين، وتلعب دون خوف من ضياع وطن في ضربة (صولد).
دولة مثل قطر، تأسست من منطلق أن ما لديها من نفط وغاز يكفي لإقامة دولة سكانها 200 ألف، فرفضت أن تكون في عضوية الإمارات العربية المتحدة، هذه الدولة هل تخشى على سورية من التقسيم؟!
تركيا الطامعة بالتأكيد بالأراضي السورية، هل سترفض فكرة تقسيم سورية عندما يأتي أوانها..؟!
السعودية قد لا يطربها موال التقسيم، لأنه خطر يتحداها، فهي نجد والحجاز وعسير وزيزان و.. و..لكنها داخلة في اللعبة دخلة لا هي قائدة آمرة فيها، ولا تستطيع التراجع عنها.. وبصراحة، مجهولة إلى حد كبير دوافع المملكة للمغالاة في المواقف التي اتخذتها من الصراع في سورية، وكان يمكن أن تلعب دوراً إيجابياً فعلياً في الخروج السلمي من الحالة الفظيعة التي تمر بها سورية.
بقية الدول يختصر موقفها، الموقف الأمريكي، وهو غالباً كما تريد إسرائيل، وأعتقد أن إسرائيل لن تعترض على تقسيم سورية.
إمكانية هذا التوجه الخطير للأحداث، يحمل دعوة ليقظة ثلاث: كل سوري ومصر والسعودية وليس الجامعة التعيسة، التي لن تستيقظ يوماً وقد باعها أمينها العام إلى مشايخ قطر.