غزة الجريحة.. تنادي!
أيام وأسابيع تتوالى على العدوان الإسرائيلي الغاشم على شعب المقاومة الآمن في غزة.. تعرض هذا الشعب الفلسطيني لأبشع صور الإبادة الجماعية، والجرائم الفظيعة ترتكب بحق الأطفال والنساء والشيوخ، ولا أحد من العرب ينادي أو يستنكر أو يقدم العون لهذا الشعب الجريح.
لقد تجاوز عدد القتلى 1600 قتيل، والجرحى أصبحوا بالآلاف، ومئات البيوت دمّرت، حتى مدارس الأمم المتحدة لم تنج من القصف الإسرائيلي الهمجي، وكل يوم ترتكب المجازر بحق هذا الشعب المسكين الأعزل.. ولماذا؟ لأنه رفض الخنوع تحت نير الاحتلال وأعماله الاستفزازية الفاشية، ورفض الرضوخ للمخططات التصفوية والإرهابية في المنطقة.
أين العرب؟ أين الملوك والرؤساء؟ أين الجامعة العربية؟ أين الأمم المتحدة؟ كل هذا الإجرام يجري تحت مسمع ومرأى من المجتمع الدولي والعربي والإسلامي، الذي يعتبر الشريك الأول والداعم لهذا العدوان الغاشم. وفي الوقت نفسه تسطّر المقاومة أجلى وأروع المواقف النضالية، وتوجه الضربات الموجعة للعدو الصهيوني ويجري إطلاق الصواريخ على تل أبيب منذ اليوم الأول، ووضعت نصب أعينها أنه لا وقف لإطلاق النار إلا بإزالة الحصار الجائر على قطاع غزة وفتح المعابر، ليتمكن أهله من العيش بسلام، وتأمين المستلزمات الضرورية والأساسية من مأكل وشراب ودواء، ليتمكنوا من الحياة بصورة إنسانية.
تضحيات المقاومة وتضامن الفصائل الفلسطينية والتنسيق الميداني فيما بينها ألحق الضرر والهزيمة بالصهاينة منذ الأيام الأولى، مما استدعى الصقور الدوليين، فجاؤوا إلى ارض الواقع واستنجدوا بأصدقائهم من العربان المتآمرين على القضية الفلسطينية لممارسة الضغوط المختلفة وبكل الأشكال، لوقف إطلاق النار ثم التفاوض. وبدأت الجولات المكوكية، بدءاً من كيري إلى بان كي مون إلى أمير قطر والأتراك، وبدأ صراع المحاور ومحاولة تمييع القضية الفلسطينية وإدخالها بجدال محلي ودولي، بين تركيا وقطر من جهة، ومصر والسعودية من جهة أخرى، إلى تأجيج المواقف وتأزيمها من قبل الأمريكان والغرب، وطمس انتصارات المقاومة وتلاحمها وأدائها الجيد الذي أذهل الأصدقاء والأعداء للمرة الأولى.
ومع سماع العالم أجمع بالمجازر وقتل الأبرياء لم نسمع أي موقف إنساني للزعماء العرب، وذكرونا بمواقفهم السريعة من الأزمة السورية، وكيف كان تعاملهم الفظ والبشع معها، والاجتماعات المتوالية للجامعة العربية ومنظمة الدول الإسلامية والأمم المتحدة لطرد سورية من الجامعة العربية، والمحاولات المتكررة لطردها من الأمم المتحدة، مقابل ذلك لم نرَ ولم نسمع اليوم أي صرخة لطرد السفراء الإسرائيليين من الدول العربية ووقف التطبيع معها، بل التزام الصمت رغم كل مايجري من مجازر ضد الأطفال الفلسطينيين الذي تقدر نسبتهم بين الشهداء بأكثر من 25%، وهول الدمار بالمباني والمدارس ودور العبادة، والهمجية المتزايدة التي تتزايد نتيجة صمت الحكام العرب والمجتمع الدولي.
إلا أن صيحات الاستنكار للعدوان وطرد السفراء الإسرائيليين وتجميد الاتفاقيات صدرت وتصدر من أغلبية دول أمريكا اللاتينية شعوباً وقادة وحكاماً، التي تعتبر الصديق الوفي والمخلص للشعب الفلسطيني وبقية الشعوب العربية، فتصدرت رئيسة الأرجنتين مظاهرة مليونية استنكاراً للعدوان وتضامناً مع أطفال غزة ونسائها وشيوخها، ودعماً للمقاومة وشعب المقاومة.. والموقف نفسه اتخذته رئيسة البرازيل وشعب البرازيل، ورؤساء فنزويلا والبيرو وكل شعوب أمريكا اللاتينية وقادتها، الذين دوى صوتهم عالياً في المنابر المحلية والدولية استنكاراً للعدوان وتضامناً مع شعب غزة. في الوقت الذي يواصل الشعب السوري والعراقي معركتهم الحاسمة ضد الإرهاب والفتنة الطائفية والتطرف الديني ومحاولات الإرهابيين والوهابيين ترويع السكان وتهجيرهم، وماحصل في الموصل ماهو إلاتتمة للمخطط الصهيوني الأمريكي المدعوم من الوهابيين وأمراء الخليج والأتراك وأعداء التحرر والديمقراطية في المنطقة، وماهو إلا فصل آخر من فصول التآمر والعدوان على الشعب الفلسطيني في غزة، وتمرير الأجندة الأمريكية الصهيونية في المنطقة وضرب محور المقاومة، وفرض النزاعات القبلية والدينية، وترويج الفتنة الطائفية والحرب الأهلية، لأخذ المنطقة إلى المجهول وتدمير البنى التحتية والاقتصادية وإلهاء شعوب المنطقة بنزاعاتها الداخلية.
إلا أن هذه المرحلة الخطرة تتطلب وعياً وتضامناً ووحدة كل قوى التحرر والقوى الوطنية المخلصة والأحزاب السياسية التقدمية والمنظمات المدنية للقضاء على الإرهاب بكل أشكاله، والوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني في معركته العادلة من أجل التحرر ووقف العدوان ورفع الحصار الجائر على الشعب الفلسطيني في غزة، ومساعي الشرفاء في العالم والأصدقاء لحل عادل للقضية الفلسطينية حسب المقررات الدولية يضمن عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم لإنشاء دولة فلسطينية مستقلة على حدود 67 وعاصمتها القدس.