نيلسون مانديلا.. الطريق إلى الحرية

في الثامن عشر من تموز احتفلت جمهورية جنوب إفريقيا بالذكرى الـ95 لميلاد المناضل نيلسون مانديلا، وهو على سرير المرض في المستشفى.

ويتزامن عيد ميلاده مع (يوم مانديلا العالمي)، ومع سبعة وستين عاماً قضاها في خدمة قضية النضال ضد التفرقة العنصرية. إن المناضل السياسي نيلسون مانديلا، الذي أمضى سبعة وعشرين عاماً في الزنزانة رقم ،46664 أصبح أول رئيس للبلاد (1994-،1999 ونال جائزة نوبل للسلام وجائزة لينين وجوائز أخرى، قال: (التسامح الحق لا يستلزم نسيان الماضي بالكامل. وإن الإنسان الحر كلما صعد جبلاً عظيماً، وجد وراءه جبالاً أخرى يصعدها. ولا يمكن أن تعطى الحرية على جرعات، فالمرء إما أن يكون حراً أو لا يكون).

وتتزامن الاحتفالات بميلاد مانديلا، مع عقد القمة السنوية السادسة بين جنوب إفريقية والاتحاد الأوربي. وسيتم في هذه القمة توقيع اتفاق (يوراتوم) حول الاستخدام السلمي للطاقة النووية. ومن الغرائبية، بل من العجائبية أن الرئيس الأمريكي أوباما كتب كلمة في سجل السجن الذي تحول إلى متحف، عبَّر فيها عن احترامه الكبير لأبطال النضال ضد التمييز العنصري. ودعا الشباب إلى أخذ العبرة من الزعيم التاريخي نيلسون مانديلا. وفي هذه المناسبة لا بدَّ من تقليب صفحات كتاب (السيرة الذاتية) لمانديلا الذي صدر بالإنكليزية عام ،1994 وترجمه إلى العربية الكاتب (عاشور الشامس) عام 1998 بعنوان (رحلتي الطويلة إلى الحرية).

عرض مانديلا في مذكراته طفولته وصباه وشبابه، ونضاله الطويل في طريق شائكة ومطاردة واعتقال لمدة 27 عاماً، لم يحنِ رأسه. ورفض عام 1985 عرضاً بإطلاق سراحه مقابل إعلان وقف المقاومة المسلحة.

ولد نيلسون مانديلا في 18 تموز عام 1918 في قرية (مافتيزو) على ضفة نهر أمباشي في إقليم ترانسكاي. وكان أصغر إخوته ويحتل الرقم ،13 فوالده تزوج من أربع نساء، ثالثتهن هي أمه واسمها (نوزاكيني فاني).

فصل مانديلا من الجامعة عام ،1940 بتهمة الاشتراك في إضراب طلابي. وعاش مرحلة مضطربة أثناء الدراسة الجامعية. وتنقّل بين العديد من الجامعات. وكانت جنوب إفريقية خاضعة لحكم يقوم على التمييز العنصري. إذ لم يكن يحق للسود لا الانتخابات ولا المشاركة في الحياة السياسية ولا في إدارة شؤون البلاد. بينما يحق لحكومة الأقلية البيضاء أن تجرّد السكان السود من ممتلكاتهم، وأن تنقلهم من مقاطعة إلى أخرى، وتحرمهم من حق العيش على أرض الآباء والأجداد.

انضمَّ مانديلا عام 1942 إلى المجلس الإفريقي القومي، الذي كان يدعو للدفاع عن حقوق الأغلبية السوداء. وفي عام 1948 انتصر الحزب القومي في الانتخابات العامة. وهو الحزب الحاكم الذي وضع خطة لتنفيذ سياسته العنصرية، وأدخل تشريعات عنصرية في مؤسسات الدولة. وفي هذه الفترة أصبح مانديلا قائداً للمعارضة ومقاومة سياسة الأبارتيد (الفصل العنصري). وكان يدعو إلى المقاومة السلمية غير المسلحة، ولكن بعد إطلاق النار على المتظاهرين العزل في عام ،1960 قرر مانديلا وزعماء المجلس الإفريقي القومي البدء بالمقاومة المسلحة. أصبح نيلسون مانديلا السجين السياسي رقم واحد في العالم آنذاك.. المناضل ضد التمييز العنصري، ومن أجل حقوق السود الذين يشكلون الأغلبية في جنوب إفريقيا، ورئيساً للجناح العسكري. واعتقل في شباط 1962 وصدر حكم بسجنه مدة خمس سنوات. وحكم آخر لسجنه مدى الحياة عام ،1964 وذلك بتهمة التخطيط لعمل مسلح باعتباره يؤدي إلى الخيانة العظمى. وفي العاشر من حزيران عام 1980 وجه مانديلا رسالة إلى المجلس الإفريقي قال فيه: (اتحدوا! وجهزوا! وحاربوا! ما بين سندان التحرك الشعبي ومطرقة المقاومة المسلحة، سنسحق الفصل العنصري). وعندما زادت القوى السياسية والمنظمات الحقوقية العالمية، والحكومات الرافضة لسياسة الفصل العنصري والتمييز بين البشر ضغوطها، أدت إلى نيل مانديلا حريته في الحادي عشر من شباط عام ،1990 بأمر من رئيس الجمهورية (فريدريك وليام ديك ليرك). وشغل مانديلا رئاسة المجلس الإفريقي (1991-1997) وأصبح أول رئيس أسود للجمهورية الجنوب إفريقية، التي شهدت انتقالاً كبيراً من حكم الأقلية إلى حكم الأكثرية. تحية إلى المناضل نيلسون مانديلا في عيد ميلاده الخامس والتسعين.. ونتمنى له الشفاء العاجل والعودة إلى أسرته وشعبه.

العدد 1140 - 22/01/2025