افتتاح «بيت الدين»… الانتصار على الخوف
افتتحت الفنانة ماجدة الرومي بصوتها الأوبرالي، وبمضامينه الفنية والجمالية، ليل الخميس الماضي، (مهرجانات بيت الدين الدولية) في حركة تحدٍّ واضحة من إدارة المهرجان أولاً، التي تُعلي الفن والفرح على ما عداه، ومن الفنانة الرومي ثانياً، التي دأبت في كل عام على الغناء للحب والسلام، من خشيتها على الوطن من الحرب، مثلما تخشى على كل الوطن العربي.
وسط إجراءات أمنية بالغة الشدة والانضباط، كما لم نشهد في أحلك ظروف البلد، قدر جمهور بيت الدين، وجمهور الفنانة الرومي، على الوصول إلى مقصده، كتقليد قديم لا يحيد. الرومي لم تُخيّب ظن من قصدها رغم الهواجس الأمنية، فقدمت هداياها من القلب: (الهدايا في العلب)، كما لو تُلقي تعويذة خير له من الشاعر اللبناني سعيد عقل:
(ريتك تضلّ بها لسما.. منحوت متلا للشمس.. اليوم أكثر من أمس). رنين الموسيقا في المدرج الذي غص بقاصديه، طغى على كل أصوات التفجيرات التي تعشش في رأس كل لبناني، ثمة هذا الإصرار على خوض حرب البقاء في بلد يعبر إلى حتفه إذا لم يتداركه أبناؤه.
كالصلاة العالية، صدح صوت الرومي مباركاً الحب والأمن والسلام، ومباركاً الأرض التي باتت اليوم مزروعة بالشياطين. حشد الإجراءات الأمنية قابله حشد جماهيري لم نشهد في كثافتها قبلاً، كما لو أنها الرد الواعي، وغير الواعي على الخطر المحدق بحياتها، وطريقة عيشها، ومعنى بلدها في الأساس.. وماهيته.
أكثر من خمسين عازفاً، مع كورال كبير، شغل المسرح تحت الإضاءة الأرجوانية التي منحت مشهد القصر، مزيداً من الحميمية والرومانسية، لتطل الرومي تحت شلالات من النور في تركيب ضوئي سينوغرافي مبهر، وتبدأ الحفل بأغنية: (سيدي الرئيس) كعروس في أبيضها المرشوش بنجوم فضية لامعة. (سيدي الرئيس) بدت مناشدة عالية لملء شغور في نظام لبنان ومعناه. كرسي الرئاسة الشاغر، بدا فعلاً على المسرح، وكان جزءاً من المعنى الذي أرادت الرومي إيصاله، وهي المنهمكة بقضايا وطنها وشؤونه، وألقت كلمة بهذا المعنى، تناشد فيها المسؤولين الاضطلاع بمسؤولياتهم، والعبور بالوطن إلى الأمام. ثم ابتدأت رحلة الصوت مع الحب والفرح: من (ها لساحة) كانت جديدها، وكانت استعادات من ريبرتوارها القديم والحديث مثل أغنية (غنّي) الجميلة وسواها. ساعة ونصف من المتعة من دون توقف.