وماذا بعد القمم..؟!

أيام حامية في نهاراتها ولياليها، وتهديدات الإمبريالية تتصاعد. وتظل المواقف ثابتة في سورية، انطلاقاً من الحفاظ على وحدة التراب ووحدة النسيج الاجتماعي والقرار السيادي، وضد التدخل في شؤوننا الداخلية، وصد أي عدوان على وطننا مهما كانت التضحيات.

لقد بيَّنت الأحداث وتطوراتها على جميع الأصعدة، أن عدواناً مبيَّتاً على سورية يحضر له، وأن داعمي الإرهاب يحلمون بسقوط الدولة السورية وتفتيتها طائفياً وإثنياً ومذهبياً، وأن (الكيماوي) علامة كاذبة للسير في طريق الحرب والعدوان والسيطرة على المنطقة كلها.. وهم يعرفون جيداً مَن استخدمه، وأن المواد الكيماوية خرجت من معاملهم ومستودعاتهم، وهم مشاركون مباشرة وعلى نحو غير مباشر في الخطة والتنفيذ. 

السؤال: هل (الحكمة) سقطت من غيمة في سماء بطرسبورغ، وأمطرت تفاؤلاً في قمة العشرين؟ وهل (الحكمة) انتصرت على (الحماقة) والتهوّر السياسي؟ وهل تراجعت (نبرة) التهديدات الأمريكية والفرنسية، وانخفض ضغط الدم في شرايين الرئيس باراك أوباما، بعد مصافحته ببرودة الرئيس بوتين؟

صدرت عن قمة العشرين إشارات تحمل رؤوسها أضواء نارية وخضراء وتأكيدات غير نهائية عمَّا يجري في السر، وأن الدعوة الروسية لوزير الخارجية وليد المعلم لزيارة موسكو بعد انتهاء القمة بأيام، ومشاركة المبعوث الأممي الأخضر الإبراهيمي في القمة، وكذلك الأمين العام للأمم المتحدة، يحمل دلالة واضحة. ربما أن هناك  تبدلات (جزئية) في بعض المواقف المتهورة، هي نتيجة طبيعية للرأي العام العالمي الرافض للسياسة الإمبريالية. والطلب إلغاء قرارات الحرب وعدم التسرع في شن العدوان، ليس طلباً روسياً فقط بل أوربياً أيضاً. وأن ما يجري تحت الخيمة الروسية – الأمريكية رغم التوتر الحاصل بينهما، يشير أن هناك (رغوة) على سطح (الطبخة السياسية)، بعد لقاءات وحوارات شائكة وصلت معظمها إلى طريق مسدودة، في بحث الأزمة السورية، وإيجاد الحل السياسي وتحديد موعد مؤتمر جنيف2. وبعد عامين ونصف على الأزمة السورية، ازداد الصراع بين جبهتين وتفاقم وصولاً إلى التهديد الأمريكي – الفرنسي- الإسرائيلي، بتحريض تركي – سعودي – قطري، بشن الحرب بصواريخ (توما هوك وكروز) على أهداف استراتيجية سورية.. أي إشعال المنطقة بحرب يمكن أن تحتل الرقم الثالث عالمياً! ويبدو أن الولايات المتحدة وحلفاءها لم يحفظوا دروس العراق وأفغانستان وحرب تموز جيداً، ولم يميزوا بعد بين الهمزة في أول ووسط ونهاية الكلمة. وعليهم بعد هذه التجارب أن يعيدوا قراءة التاريخ، ويقرؤوا انتصارات الشعوب، وأنَّ المعتدي هو الخاسر والمهزوم دائماً مهما كانت قوته وجبروته. وأن الشعب السوري وقواه الوطنية وقواته المسلحة، قادرة أن تهزم الأعداء كما هُزم الفرنسيون وأن يقدم الشهداء في سبيل حرية سورية وكرامة الشعب السوري.

لقد جهَّز السيد (كيري) قائمة الدول العشر الحليفة للولايات المتحدة، وطمأن  الشعب الأمريكي المناهض أصلاً لسياسته وكذلك العالم، بأن (الأصدقاء) تكفَّلوا بتمويل العدوان.. وأن (المكافآت) القطرية السعودية، ستستمر بسخائها على الدول والأفراد والجماعات التكفيرية الجهادية. ويعلم هؤلاء أن سورية ستظل شوكة في عيونهم إلى الأبد! إذا استمرَّ أوباما في عناده وحصل على موافقة اللجنة الخارجية في الكونغرس وموافقة الكونغرس، ونفذ قراره في العدوان على سورية، فسترد سورية وحلفاؤها بأقوى مما يتصور، وبذلك تكون نيران القذائف قد امتدت إلى المنطقة كلها.. ومن الصعب إذاً إخماد هذه النيران! انتهت القمة.. ازداد التناقض بين الموقفين الروسي والأمريكي، وأكد بوتين عدم شرعية التهديدات الأمريكية، والدعم السياسي والاقتصادي والإنساني لسورية.  وعاد أوباما إلى الولايات المتحدة يتلمس جسمه فوجده عارياً، وتلمس رأسه فوجده فارغاً بلا موقف، واعترف أن الكونغرس لا يصوت بالأغلبية على قراره.

العدد 1140 - 22/01/2025