طموحات.. وإحباطات

من المفيد أن نبدأ بالوقوف أمام تجربة صفحة (النور) الثقافية، قبل أن نتحدث عن غيرها من الصفحات في الدوريات السورية المماثلة.

وعليه فمن الواجب علينا وعلى غيرنا في المحطات الاحتفائية، أن نضع إنتاجنا وجهودنا تحت مجهر (الفكر النقدي) الذي يتوخى الموضوعية والحياد النسبي قبل إصدار أحكام القيمة.

حكم القيمة معياري بطبعه فنحن نقيس ما ننتجه، بالأهداف المثلى التي نسعى إلى تحقيقها بعيداً عن المقارنة مع إنتاج الآخرين.

والمقارنة أو لنقل المقايسة تنبني على ما تطمح إليه، وما تحقق، بمعنى بين الموجود بالقوة، والكائن بالفعل، الموجود بالقوة هو الإمكانات التي لو توفرت لها الظروف المناسبة لوجدت التعبير المناسب والحقيقي لها، والوجود بالفعل هو ما أنجز في الواقع، وتبقى الهوة شاسعة بين المثال (النموذج)، والواقع بكل إحباطاته وقسوته ورعونته.

الصفحة الثقافية لجريدة (النور) لا تدّعي ولا يحق لها أن تفاخر بما لم تنجزه، أو ما هو في ذهن المشرفين عليها وفق استراتيجية ثقافية، أساسها مقتضيات الواقع ورهانات المستقبل.

تنفيذ الاستراتيجيات والتصورات، وتحقيق الأحلام لا بد له من إبر النحل، ولكي تتحمل لسعات النحل وصولاً إلى العسل لا بد لك من أدوات ومؤهلات، وتعاون خلاق بين المشرفين على الصفحة والمتلقين، فيدٌ واحدة لا تصفق، والجهد الفردي مهما كان عبقرياً يبقى قاصراً عن تلبية متطلبات مرحلة شديدة التعقيد والتداخل يتفاعل فيها السياسي مع الاجتماعي مع الثقافي.

نحن لا نميل إلى تبرير التقصير الذي نعترف به جهاراً، لكننا نهيب بكل المعنيين بشؤون الثقافة أن يمدوا لنا يد العون للنهوض بمهمتنا الشاقة والعسيرة.

علينا أن نواجه ثقافة الموت بثقافة الحياة، ونشر الفكر العلمي بديلاً عن الغيبيات والأوهام، والفكر النهضوي التنويري، مقابل فكر الظلام والأصولية البغيضة، وحس الانتماء للوطن والدفاع عن الدولة بكل أركانها ومقوماتها عوضاً عن التراجع والتقاعس والانكفاء.

فهل يمكن لصفحة واحدة في جريدة أسبوعية أن تنهض بكل هذه المهام إذا لم تُرفد بأقلام الكتاب الوطنيين التقدميين؟ وإذا لم تتضافر الصفحات الثقافية في الدوريات السورية بالعمل على توحيد الإيقاع الثقافي لننشد معاً معزوفة الانتصار في مواجهتنا على الجبهة الثقافية التي لا تقل أهمية عن الجبهات الأخرى.

بهذه المناسبة الاحتفائية و(النور) تضيء شمعتها الخامسة عشرة، نتوجه بالشكر الجزيل إلى كل من ساهم في استمرار جريدة (النور) في الصدور، وكل من كتب على صفحاتها، وكذلك إلى جميع قرائها، ونحن بانتظار ملاحظاتهم وآرائهم البناءة.

العدد 1140 - 22/01/2025