جنيف2.. هل يُعقد؟
يبدو أن أغصان جنيف2 لم تبرعم بالسرعة المطلوبة، والسؤال: هل يزهر في ربيع 2014؟
أسئلة كثيرة يطرحها المواطن السوري، دون أن يجد الأجوبة المقنعة، رغم الجهد الروسي الدؤوب على المستويين الدولي والإقليمي، وبناء الجسور مع مختلف القوى السياسية ومحاولة تقريب وجهات النظر، وتأكيد أهمية الجلوس على طاولة جنيف2 دون شروط مسبقة.
وتتزاحم الأحداث وتتكثف اللقاءات على جميع المستويات. وتتلامح بوادر التغيرات إلى حد (القطيعة) بين الولايات المتحدة والسعودية، التي فتحت سوقاً للمساومات، وقد سعى (كيري) في زيارته الأخير لفتح بعض الأبواب المغلقة، وتقليص الخلافات وحذف أسبابها التي من أبرزها: العمل على إبعاد رأس الحربة (بندر)، والتراجع عن مطالبة السعودية المتكررة بإخراج الأسطول الأمريكي من عاصمة البحرين. ومطاليب أخرى لا تعمل أمريكا على تنفيذها، بل استعاد الوزير الأمريكي عزفه القديم على نغمة: عدم إعطاء دور في المرحلة الانتقالية للرئيس بشار الأسد.
لقد انقطع أكثر من خيط من خيوط التفاؤل الأمريكي في زيارة كيري الأخيرة إلى القاهرة، وهو الشفوق والمحُب للرئيس المصري المعزول. وقد كانت السعودية سبَّاقة ووعدت بتقديم مساعدة تقدر ب 4 مليارات دولار، وبذلك تكون قد قطعت الطريق على التهديد الأمريكي بقطع المساعدات عن مصر.
وظهرت إشارات مشجعة عن اتفاق أولي حول البرنامج النووي الإيراني، وهو عامل مساعد لإضعاف النرجسية السعودية، والضغط على الأطراف الأوربية والأمريكية وتحالفاتها الإقليمية، لإبعاد إيران عن المشاركة في جنيف،2 علماً أن السعودية تستمر في تهديدها بسحب أموالها من البنوك الأمريكية، وسحب الاستثمارات وتغيير سياساتها النفطية، مستغلة الأزمة المالية والاقتصادية التي تعانيها الولايات المتحدة منذ سنوات.
إن الإجماع الدولي على الحل السياسي أزال الكثير من العقبات، وذلّل الكثير من الصعوبات، وكوَّن قناعات بأن الإرهاب (سيغزو) عشرات الدول، وفي المقدمة تلك الدول التي تغذي الإرهابيين وتمدّهم بكلّ أنواع المساعدات بالمال والسلاح والمعدات.
إن سياسة الوجهين، وسياسة المراوغة والكيل بمكيالين التي لا تحيد عنها الإمبريالية الأمريكية خلال تاريخها الدموي المزمن، غَدت مكشوفة للعالم، وإنّ بروز الصراع بين الحزبين (الديمقراطي والجمهوري) في الفترة الماضية القريبة، والخلل الواضح في سياسة الرئيس أوباما وانخفاض نسبة التأييد له، وعدم التزامه بالوعود التي قطعها لتحسين الوضع الداخلي، وتنفيذ برنامج الضمان الصحي الذي يلاقي معارضة قوية من الجمهوريين وبعض الديمقراطيين في الكونغرس.. كل ذلك خفّف إلى حدٍّ ما من الغطرسة الأمريكية، إضافة إلى الضغط الروسي المستمر وتعديل في اتجاه البوصلة السياسية نحو الحل السياسي.
وتشير التقديرات الأولية إلى أن جنيف2 سيتم (ترحيله) إلى نهاية العام. وهناك تصورات أن تأجيله لمرات يكون خطوة في طريق إلغائه.
إن من مستلزمات التوجه نحو السلام وإيجاد الحل السياسي للأزمة السورية، من الطبيعي جداً أن يُقضى على الإرهاب أولاً، وأن يخرج الإرهابيون من سورية.. وأن تغلق المعابر الحدودية مع الدول المجاورة، ويتوقف إمداد هذه الألوف من الظلاميين القادمين من الجهات الأربع، بالمال والسلاح.
إن ما يُسهّل الطريق إلى جنيف2 هو الانتصارات التي يحققها جيشنا الباسل واستعادة المناطق التي يوجد فيها المسلحون، الذين لم يجدوا الحاضنة الاجتماعية لهم. وما يدلل على هزيمة الظلاميين أيضاً صمود الشعب وصبره وتقديم ألوف الشهداء، ووحدة النسيج الاجتماعي ورفض مكوّناته الإثنية والدينية والمذهبية أيّ شكل من أشكال التدخل الخارجي، والموقف الموحد للقوى السياسية والديمقراطية والوطنية، ضد السياسات الأمريكية والأوربية والرجعية، والدفاع عن الوطن وصد أي عدوان خارجي والحفاظ على القرار السيادي المستقل.