الاعتقال… والقتل تحت التعذيب!

قد يكون هذا العنوان مثيراً بعض الشيء، لكنه مع استمرار الأزمة السورية، أصبح واقعاً معاشاً، فنادراً ما تجد منطقة أو محافظة إلا وتسمع فيها الكثير من الروايات والمشاهدات التي يندى لها جبين الإنسانية.. إنها جرائم موصوفة تلك التي يرتكبها الإرهابيون، وهي موثقة ومشاهدة بأم العين في الرقة، وعدرا العمالية، وأرياف حلب، وإدلب، واللاذقية، وحمص، ودرعا.. ولا يمكننا أن نستثني أي محافظة من وجودها.

ولا يمكن لأي إنسان عاقل وسوي نفسياً وأخلاقياً، وإلى أي شريعة سماوية انتمى، أن يفهم هذه الجرائم ولا أن يجد العذر لمرتكبيها، وخاصة في المجتمع السوري الذي اتصف دائماً بالكرامة الإنسانية والتسامح والوئام، والذي يملك إرثاً حضارياً وتاريخياً وثقافياً وإنسانياً يعود لآلاف السنين.

أما أن نسمع بين الحين والآخر عن قتل معتقل أو مسجون أو مخطوف أو ما شابه ذلك، ولو في حالات قليلة هنا وهناك، فهذا لا يمكن غفرانه، ولا يمكن تبريره، مهما كانت الأسباب، سياسية أم ثأرية، أم أخلاقية، أم فردية، خصوصاً من جهات مسؤولة في الدولة.. ومثل هذه الحوادث، على قلتها، ستحدث تأثيراً سيئاً في نفوس المواطنين، بغض النظر عن الموقف من الضحية.. فهي تستعر كاستعار النار في الهشيم، ولها تأثير سياسي وأخلاقي، وتقدم خدمة مجانية يعجز عن تحقيقها الأعداء..وهي في كل المقاييس جرائم يعاقب عليها القانون السوري والدولي وجميع الشرائع.. وهي في الوقت ذاته محرجة للدولة ولهيبتها، وهي محرجة للحلفاء والأصدقاء والمحبين.

من الواجب السياسي والأخلاقي والإنساني والمبدئي، في حال ارتكاب مثل هذه الجرائم القليلة من قبل البعض في هذا الجهاز أو ذاك، أن تُعلن عنها الجهات الرسمية، وأن تقدم مرتكبيها للمحاكم العادلة، احتراماً لوعي شعبنا الصامد ووطنيته وآماله.. أما حالات الاعتقال فلابد من العودة إلى الدستور والقوانين الأخرى التي تضبطها، وخاصة دور القضاء صاحب الكلمة العليا في هذه الأمور.

العدد 1140 - 22/01/2025