ضربات جوية أمريكية محدودة لداعش.. والظلاميون يهددون بغداد وأربيل

أوباما قرر «لوم» الإرهابيين في العراق واستمرار دعمهم في سورية!

هكذا هو السلوك السياسي للإمبريالية الأمريكية في الشرق الأوسط، لا في مرحلة (الربيع) فقط، بل منذ مؤامرات (دالاس) ومبدأ (أيزنهاور) لملء الفراغ في خمسينيات القرن الماضي.

إن التراخي في إحكام قبضة الأمريكيين وشركائهم الأوربيين ومشايخ النفط العربي على مقدرات دول المنطقة وسياساتها، يشكل تهديداً جدياً لا تسمح به مخططات الإدارة الأمريكية، القائمة على ضمان وجود الكيان الصهيوني وتشجيعه في سياساته التوسعية.

وبدلاً من التورط في أوحال التدخل العسكري المباشر، كما حدث في العراق، تفتقت أذهان استراتيجيي واشنطن عن مخطط لشرق أوسط جديد تتحكم فيه قوى تصنّع فكرياً وسياسياً ولوجستياً بإشراف المخابرات المركزية الأمريكية.. هكذا اعترفت السيدة كلينتون.. وهكذا أقر المسؤول السابق في المخابرات الأمريكية: (صنعنا القاعدة لمقاومة الشيوعية والاتحاد السوفييتي، وشكّلنا منظمات إسلامية وهابية في المنطقة يسهّل القضاء عليها عند اللزوم، وذلك لتفكيك هياكل الأنظمة العربية القائمة، وتكريس تبعية الشرق الأوسط للإمبريالية الأمريكية والصهيونية).

الأمريكيون لا يريدون حلاً سلمياً للأزمة السورية، هذا ما  دل عليه سلوكهم السياسي منذ ما قبل جنيف 1 لكنهم تابعوا مناوراتهم السياسية، بالتوازي مع استمرار مساعداتهم العسكرية والمالية لعصابات التكفير الإرهابية، بهدف استنزاف مقدرات الدولة السورية، والسعي بعد ذلك إلى مد نفوذ هذه المجموعات الإقصائية باتجاه دول أخرى، وإيصال المنطقة بأسرها إلى حافة البركان، ووضع سيناريو لـ(الإطفاء) ينسجم مع استمرار هيمنتها، ويضمن للكيان الصهيوني استقراراً دائماً، بل توسعاً بأشكال مختلفة في النسيج العربي.

إن الضربات الجوية الأمريكية المحدودة لمرابض مدفعية (داعش) قرب أربيل، لا تعد تراجعاً عن السلوك الأمريكي، بل يمكن اعتبارها (لوماً) لأدواتهم الإرهابية على الاقتراب من منطقة النفوذ الأمريكي في شمال العراق، في الوقت الذي تستمر فيه المساعدات العسكرية والدعم المالي والبشري للمجموعات الإرهابية في سورية.. وتخرّج مراكز التدريب المنتشرة في الأردن والبحرين وتركيا آلاف (القاعديين) لدعم هذه المجموعات، بهدف إسقاط الدولة السورية، الحلقة الرئيسية في محور المقاومة، ولو أدى ذلك إلى ارتكاب المجازر العرقية والطائفية والمناطقية.

لذلك بات الهدف الرئيسي لسورية، ممثلة بشعبها الصامد وجيشها الوطني، هو الوقوف في مواجهة هذا الخطر (الداعشي) الفاشي الأسود، والحفاظ على سورية بسياساتها الوطنية، ومكوناتها الدينية والاجتماعية المنسجمة.. المتآلفة.

الجيش السوري يوجه في كل يوم ضربات جديدة لقواعد الإرهاب، ويُفشل محاولات المجموعات الإرهابية التوسع نحو المناطق الاستراتيجية.. كذلك ذكرت مصادر حكومية أن عمليات المصالحة الوطنية تجري في العديد من المناطق، وربما تحدث إنجازات هامة في هذا الإطار قريباً. إن استمرار المصالحات الوطنية يعني حقناً لدماء السوريين، وعودة إلى حالة الألفة والانسجام الديني والاجتماعي.

صحيح أن تشظّي الإرهاب (الداعشي) إلى العراق، ثم لبنان، وربما إلى دول أخرى بعد ذلك، يشكل تهديداً مباشراً لأمن الشعب السوري وسلامته ومستقبله، لكن جماهيرنا الشعبية لن تتنازل عن دولتها، وأطيافها، ومكوناتها السياسية والاجتماعية، وستواجه اليوم كما واجهت في الماضي، الخطرالإرهابي (الداعشي) الذي يهدد وجودها ومستقبلها الديمقراطي.. العلماني المعادي للرجعية السوداء.

العدد 1140 - 22/01/2025