أسرار التعاون بين ألمانيا النازية والحركة الصهيونية
أدولف هتلر من الشخصيات التي تركت بصمة في التاريخ، والتي أثارت حولها تساؤلات والكثير من جدل، فهل كان فعلاً متعاوناً مع الصهاينة قبل الحرب العالمية الثانية؟ هتلر مؤسس إسرائيل! عنوان كتاب للمؤلف هينيكيه كاردل، ترجمه إلى العربية ميشيل منيّر. يسرد الكتاب في طياته الحقيقة التاريخية للرجل الأكثر شهرة في بدايات القرن العشرين، الذي أشعل نار الحرب العالمية الثانية. يقول المؤرخ البولوني رافال موساكوفسكي بأن إيخمان (يهودي) قد ذكر: (لا يوجد مبرر لعدم تصديق أن الصهاينة كانوا ضمن ميليشيا الحزب النازي التابع لهتلر مباشرة). ويضيف الناشر: إن هتلر، نال التهنئة فور استلامه الحكم، من لومنفلد، رئيس الحزب الصهيوني في ألمانيا، ثم وقع اتفاق (الترانسفير) مع الوكالة اليهودية الصهيونية لإرسال 60 ألف يهودي ألماني مع عائلاتهم لاستيطان فلسطين، وعوّض لهم عن ممتلكاتهم في ألمانيا ببضائع ألمانية. وما يدل على ذلك تمويل الحزب الهتلري من قبل المصارف الصهيونية. ويرى المؤلف أن ظاهرة اليهود الصهاينة المشاركين في تكون النظام النازي الألماني جعلته الأكثر عداءً لليهود في التاريخ. كما يصوغ الكاتب كيفية وصول هتلر إلى السلطة على أساس الحملة اللاسامية، والحل النهائي للمسألة اليهودية، وتحقيق الخطط الصهيونية لإعادة بناء دولة إسرائيل. ويتساءل المؤلف هل ثمة علاقة بين أصل هتلر غير الواضح تماماً وبين إنشاء دولة إسرائيل التي لم تكن موجودة طوال ألفي عام، والتي قامت فجأة بعد ثلاثة أعوام تماماً من موت هتلر على حساب الحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني؟ ويضيف: (لن نتمكن من فهم سلوك هتلر إذا لم نأخذ بعين الاعتبار كرهه غير المحدود لإخوته اليهود، ولا يمكن بعد 150 عاماً البرهنة بشكل غير قابل للنقاش على أن اليهودي فرانكنبرغر كان جد هتلر من جهة والده. ويؤكد المؤلف أن سلوك هتلر (ذي الأصل اليهودي) مبني على كراهية اليهود، ومن فوبيا الكراهية لليهود والعداء للشيوعية تكونت إيديولوجية هتلر العرقية. ويرى الكاتب أن هناك طمساً لمشاركة الصهاينة في تجسيد حلم هتلر بجعل أوربا خالية من اليهود، بإقامة دولة يهودية في فلسطين العربية. وقد حاول المؤلف الإفاضة من حياة هتلر الصغير الرسام، إلى أن دخل معترك السياسة وانتسابه إلى اتحاد اللاساميين، وتوزيع المنشورات المعادية للسامية ومعارضته الاختلاط بين الأعراق. وكيفية توطيد هتلر علاقاته مع الصهاينة وتأثره بأفكارهم، إضافة إلى إيمانه باختفاء اليهود الاشتراكيين من المسرح، فقد اعتبر أن الحرب وسيلة إلى الهدف وهو كسر تأثير اليهود على الشعب الألماني والنمساوي. كما صور المؤلف خدمة هتلر وكيفية ترقيته في خدمته، وحلمه بأن يظهر خطيباً، من خلال كتابه (كفاحي) بأن السياسة ومعاداة اليهود هما وجهان لعملة واحدة، وتصميمه للعلم النازي. أسس هتلر فرق الحماية (وحدة العاصفة) التي ضمت أعضاء الفيالق الحرة والحرس المدني، وأصبح رئيساً للوحدة فأثر في سياسة الحزب، وأصدر بياناً (لسنا مضطرين إلى مناقشة اليهود لأنهم لا يحق لهم كغرباء التدخل في قضايانا، كما لا يحق للألماني في الدولة اليهودية في فلسطين التدخل في السياسة اليهودية). فتحققت حسابات هتلر بحصوله على منصب الرئيس الأول المزود بصلاحيات ديكتاتورية، فجمع النقود من اليهود وزار الأقاليم لمنحه الثقة، فوطد العلاقة بين النازيين واليهود الصهاينة الغربيين من خلال نائبه رودولف هيس. إضافة إلى تضمين فريق هتلر السياسي اليهود الصهاينة الذين لديهم مزيج دم يهودي والذين اهتموا بمحاربة اليهود وإبادتهم. ثم ألغى جميع المنظمات والأحزاب اليهودية في ألمانيا، ما عدا الحزب الصهيوني، وعين مسؤولين صهاينة في معسكرات اعتقال اليهود في أوربا، منهم مناحيم بيغن مسؤولاً عن معتقل يهود بولونيا، وبذلك اشترك الصهاينة معه في قتل (اليهود المعادين للصهيونية) الذين قضوا في المحرقة. تبوأ هتلر أعلى المراتب السياسية في ألمانيا بلا دعم شعبي عارم، وعمل على كسب الود الشعبي الألماني بوسائل الإعلام التي كانت تحت السيطرة المباشرة للحزب النازي الحاكم. وامتلك النقود واندفع إلى الأمام بنجاح مع رأس مال كبير، إضافة إلى المد المالي الأمريكي اليهودي، إلى أن تمكن من منحه صلاحيات مطلقة لحكومة هتلر النازية، فعمل على الاقتصاد وعسكرة ألمانيا وأدخل نظام الخدمة العسكرية الإلزامية، وعقد المعاهدات حتى أن تشرشل بعث إليه برسالة مدح، فأصبحت ألمانيا بلداً مليئاً بالأمل والثقة. وشهدت فترة حكم الحزب النازي لألمانيا انتعاشاً لم يترك مواطناً ألمانياً بلا عمل، وتم تحديث الجيش براً وبحراً وجواً والسكك الحديدية والشوارع وعشرات الجسور، مما جعل شعبية الزعيم النازي ترتفع إلى السماء.
قام هتلر بإعداد خطة تهدف إلى بعث الرغبة في السفر إلى فلسطين لدى أكبر عدد ممكن من اليهود. ويضيف المؤلف أنه مما لا شك فيه أن الدوائر الصهيونية كانت مسرورة من سياسة المعاداة اليهود، فبفضلها ازداد عدد السكان في فلسطين، وتوطدت العلاقة بين الهاغانا وحكومة هتلر، فجرى تنسيق الهجرة اليهودية إلى فلسطين بالاتفاق مع رئيس وزراء إسرائيل المقبل ليفي أشكول. وكانت حجة هتلر (أمنيتي تسوية المسألة اليهودية قانونياً من أجل حرمان الخارج واليهودية الدولية من ذريعة لأعمال عنيفة موجهة ضدنا، ومن الضروري أن نتحرر من هذا العبء)، فسحبت حكومة هتلر التجنس ونزع الجنسية ألمانية، فغادر عشرات آلاف من اليهود الشرقيين أراضي الرايخ إلى فلسطين التي كانت تحت الحماية البريطانية، وكان هدف هتلر من إبادة اليهود في أوربا تسهيل ترحيل مليون يهودي إلى فلسطين، وهنا استفاد الصهاينة من الاضطهاد والإبادة من أجل إقامة دولة إسرائيل. ويذكر المؤلف أن حاخام برلين (إسرائيل غولد شتاين) قال: (ينبغي الاعتراف، وفقاً للحقيقة أن أكثر من 30 ألف يهودي نقلوا بموافقة من القيادة العامة الألمانية بالطرق البحرية، وتحت إشراف الصليب الأحمر إلى القسطنطينية، ومن هناك تم تهريبهم إلى سورية ومنها إلى الأراضي المقدسة. ويضيف المؤلف: بنى هتلر الجيش الأحدث في العالم والأكثر استعداداً للحرب، فمضى بجيشه على الجبهات كافة بإدارة الحرب العالمية الثانية التي كلفت العالم 50 مليون بشري، وفي آب عام 1944 وقف الجيش الأحمر الروسي عند حدود الرايخ الألماني بالقرب من بروسيا الشرقية، وفهم الألمان أن الحرب خاسرة .
ويرى غوبلز الاشتراكي الألماني أن الكراهية هي من أعمت هتلر (تنقصنا البساطة والتجانس في تشريعاتنا وفي عمل الجهاز التنفيذي)؟ ويذكر المؤلف في نهاية بحثه وصية هتلر (على قيادة الدولة بالدرجة الأولى التمسك المطلق بالقوانين العرقية وبمقاومة لا ترحم ضد مسممي كل الشعوب، اليهودية الدولية).
يوصف هتلر بأنه إحدى الشخصيات الأكثر تأثيراً في القرن العشرين، ويعزى له الفضل في انتشال ألمانيا من ديون الحرب العالمية الأولى وتشييد الآلة العسكرية الألمانية التي قهرت أوربا. قادت سياسة هتلر التوسعية العالم إلى الحرب العالمية الثانية ودمار أوربا، بعد أن أشعل فتيلها بغزوه بولندا. وبسقوط برلين في نهاية الحرب العالمية الثانية، أقدم هتلر على الانتحار وعشيقته إيفا براون في ملجئهم المحصن ببرلين، بينما كانت برلين غارقة في بحر من الخراب والدمار.
هذا الكتاب، يكشف الدعم الذي تلقاه هتلر من الصهاينة في واشنطن، من أجل القضاء على اليهود المعادين للصهيونية، والمساعدة على تأسيس دولة إسرائيل، وهذا ما نراه جلياً في أيامنا هذه، إذ نجد الغرب والقادة الأمريكيين يدعمون المشروع الصهيوني، ويزودون إسرائيل بكل ما تحتاجه من أسلحة دمار، للقضاء على شعب فلسطين، ووضعه في معتقلات اعتقال، كل ذلك ضمن المخطط الصهيوني.