ما هي أضرار ارتفاع درجات حرارة الجو على الإنسان؟

تتأثر الكائنات الحية بحالة الطقس بدرجات متفاوتة وبصور مختلفة، ويتأثر الإنسان بالطقس بصورة تختلف من شخص إلى آخر في نفس الظروف، لأن هناك عوامل تؤثر على العلاقة ما بين الإنسان والطقس، منها عمر الإنسان، ووضعه الصحي، والغذاء الذي يتناوله، والطقس الذي تعوَّد عليه الإنسان بالماضي.

– هناك علاقة بين صحة الإنسان والطقس والمناخ خاصة في المناطق ذات الطقس والمناخ القاسيين، فالوظائف الفسيولوجية تستجيب لتغيرات الطقس، فصحة الإنسان، وحركته، ونشاطه، وإحساسه بالراحة أو الضيق كلها تتأثر إلى حد كبير بتقلبات الطقس وأحوال المناخ. ومن الملاحظ:

أ-  أن انتشار بعض الأمراض مرتبط ارتباطاً كبيراً بطقس معين أو مناخ معين.

ب- وأن نوع الطعام الذي نأكل واختيار ملابسنا هو انعكاس لظروف الطقس والمناخ السائد.

– تتأثر الحيوانات والنباتات بحالة الطقس بشكل مختلف حسب اختلاف أنواعها:

أ- قسم من الكائنات الحية يستجيب لتغير حالة السماء من حيث  الإنارة والإشراق الشمسي.

ب- وقسم يستجيب لتساقط الأمطار والثلوج وتغيرات الرطوبة ودرجة حرارة الهواء.

ج-  وقسم آخر يستجيب لتغيرات الرياح والضغط الجوي.

– إن شعور الإنسان العادي بالحرارة أو البرودة يعتمد على عدة عوامل أهمها:

1- درجة الحرارة. 2- الرطوبة النسبية. 3- سرعة الرياح.

  ولا يتوقف شعور الإنسان أو إحساسه بالحرارة على هذه العناصر فحسب، بل يختلف من شخص إلى آخر.   حسب: العمر، والحالة الصحية، ونوع العمل، والملابس التي يرتديها، ومحيط الشخص والسطح الذي يقف عليه ومستوى استعداد الشخص للتكيف والتأقلم، والإشعاع الشمسي.

– فمن الخطأ عند الحكم على الطقس أخذ عنصر درجة الحرارة فحسب، لأن درجة حرارة الهواء ليست هي درجة الحرارة الحقيقية التي يحس بها الإنسان فعلاً.

تأثير درجة الحرارة والرطوبة على الإنسان:

إن الحرارة العالية مع الرطوبة المرتفعة تزيد توصيل الحرارة من الجو إلى الجسم، وفي الوقت نفسه تعيق التبخر، مما يجعل الجسم لا يبرد بسرعة، وتصبح حرارته مزعجة.

أما خلال الطقس البارد فإن الرطوبة العالية تزيد من توصيل الحرارة من الجسم إلى الجو المحيط، مما يجعل الجسم يخسر جزءاً من حرارته في الوقت الذي هو بحاجة إلى مثل هذه الحرارة. 

– إن فترات الحر الطويلة أو فترات البرد الطويلة تؤثر بدرجة كبيرة على القوى الحيوية للإنسان، ومن هنا نستنتج ما يلي:

أ- إن الحرارة العالية والبرودة الشديدة ضارة بصحة الإنسان، لأن جسم الإنسان يحافظ على درجة حرارته الداخلية وهي 37س.

ب- إن الرطوبة العالية والرطوبة المنخفضة أيضاً ضارة بصحة الإنسان .

– إن الجو الرطب يساعد على نمو البكتيريا والجراثيم، ويبعث على الكسل والخمول، لكن الهواء المعتدل الرطوبة يكون مريحاً وصحياً وهو أفضل من الهواء الرطب أو الجاف.

 

تأثير درجة الحرارة والرياح على الإنسان

إن الرياح تهب بصورة دائمة، ولها تأثير واضح على إحساس الإنسان بالبرودة أو الحرارة. وهي من العوامل التي تؤثر على شعور الإنسان بالبرودة، إضافة إلى درجة الحرارة، وسرعة الرياح السطحية لها أثر تبريدي chilling effect على الإنسان، لأن جلد الإنسان المعرض للهواء يتأثر بالحرارة والبرودة.

إن شعور الإنسان بالبرودة يعتمد على كمية الطاقة الحرارية التي يفقدها الجسم عن طريق الجلد للهواء المحيط، وبذلك فإن سرعة الرياح إضافة إلى البرودة تساعد على سرعة فقدان الجسم للحرارة، وبالتالي إلى شعور الإنسان بالبرودة.

إن معظم دراسات الأثر التبريدي للرياح مبنية على اعتبار أن معدل درجة حرارة جلد الإنسان العادي هي 33س، وبذلك يبدأ الإنسان باكتساب الحرارة من الجو إذا ما ارتفعت درجة الحرارة عن 33س، ويتم التخلص من الحرارة عن طريق تبخر العرق. وإذا أضفنا دور الرطوبة النسبية، فإن ارتفاع درجة الحرارة وارتفاع الرطوبة النسبية تجعل من الصعب التخلص من الحرارة ويبدأ الإنسان يتصبب عرقاً.

ومن ناحية أخرى فإن درجة حرارة دم الإنسان ثابتة وهي 37س، فإذا تعرض لدرجة حرارة أعلى فإن الغدد العرقية الموجودة تحت الجلد تقوم بإفراز كميات من العرق تنفذ من مسام الجلد وتنتشر عليه، ومن ثم تتبخر، وعملية التبخر تحتاج إلى طاقة حرارية فتمتصها من الجسم، وبذلك تلطف من حرارته وتبقيها على ما كانت عليه ثابتة على درجة حرارة 37س. أما إذا تعرض شخص ما لدرجة حرارة عالية ورطوبة عالية فإنه يظل في حالة طبيعية إلى حد ما مادام جسمه يفرز كميات من العرق، وهي حوالي لتر/ساعة، أما إذا توقف الإفراز فمعناه إصابة الإنسان بضربة شمس. 

وعندما تنخفض درجة الحرارة عن 33س يبدأ الجسم بفقدان الحرارة بالإشعاع والحمل والتلامس والإزاحة بواسطة الهواء، لذلك تكون خسارة الجسم للطاقة الحرارية كبيرة في درجات الحرارة المتدنية والرياح السريعة، وانخفاض الرطوبة النسبية يزيد التبخر وتزداد خسارة الجسم من الطاقة الحرارية وبالتالي الشعور بالبرودة، إضافة إلى أثر الرطوبة على الجلد إذ تسبب جفاف الجلد وتشققه.    

– ففي المناطق الحارة يفضل أن يتعرض جسم الإنسان للرياح حتى تزيل هذه الرياح الهواء الحار والرطب القريب والعالق بالجسم. إضافة إلى ذلك فإن هذه الرياح تزيد من سرعة تبخر العرق فيشعر الإنسان بعد ذلك ببعض البرودة والراحة.

– أما في الطقس البارد فيحدث العكس إذ إن الرياح تزيد من التبخر، وهذا يؤدي إلى أن يفقد الجسم جزءاً من حرارته، في وقت هو بحاجة إلى هذه الحرارة والاحتفاظ بها. كما أن الرياح الشديدة تأخذ جزءاً من حرارة الجسم بطريقة التوصيل. إذكلما زادت سرعة الرياح كانت كمية الحرارة التي يخسرها سطح الجلد أكثر، ولذلك فإن للرياح في البيئة الباردة دوراً كبيراً بالإحساس بالبرودة.

– إن درجة الحرارة المرتفعة تسبب الضيق والضجر والتعب والإرهاق، خاصة إذا كانت الرياح هادئة أو خفيفة.

 

الاستنتاج

– إن إحساس الإنسان بالحرارة أو البرودة، أو إحساسه بالراحة أو الضيق، ليس مرده درجة حرارة الهواء فقط.

– بل إن العوامل المؤثرة على هذا الإحساس هي درجة الحرارة والرطوبة والرياح كلها مجتمعة في آن واحد هي التي تصنع هذا الإحساس.

– تعريف درجة حرارة الشعور: هي درجة الحرارة التي يشعر بها جسم الإنسان نتيجة للتأثير المشترك لعناصر درجة الحرارة والرطوبة والرياح.

– إن وجود الرياح في بعض الحالات يساعد الأشخاص على تقبل درجة حرارة مؤثرة أعلى منها في حالة الرياح الساكنة.

– هناك أمور أخرى تؤثر على راحة الإنسان وعلى تقبله لدرجة حرارة مؤثرة معينة، كالإشعاع الشمسي، ونوع العمل، ونوع الملابس التي يرتديها، والمحيط والسطح الذي يقف عليه الشخص.

– لقد دلت الدراسات والأبحاث على أن أفضل درجة حرارة ملائمة لصحة الإنسان سواء في الداخل أو الخارج هي ما بين 18 و22س، ورطوبة نسبية ما بين20% و50%، مع العلم أنها تختلف إلى حد ما من شخص إلى آخر. وعلى سبيل المثال: إذا كانت درجة الحرارة تساوي:

 أ-  24س وكانت الرطوبة النسبية 100%،

ب- أو إذا كانت درجة الحرارة 27س والرطوبة النسبية 60%،

فإن هذا يعد طقساً حاراً ورطباً. وعندئذ يبدأ الإحساس بالضيق والانزعاج وعدم الراحة.

وأشارت الدراسات أيضاً إلى أنه كلما كانت درجة حرارة الهواء قريبة من هذه الدرجة كان ممكناً إنجاز عمل أكثر بجهد أقل. فالحالة العقلية والعاطفية للإنسان تتأثر بالطقس والمناخ.

العدد 1140 - 22/01/2025