مكافآت حوافز العمل

إن الفكر المتجذر في الإدارات الاقتصادية في الوطن العربي عموماً، وفي القطر العربي السوري أيضاً، يعود الكثير منه إلى التراث الاقتصادي الاستعماري للوطن العربي. خطط العدو الفرنسي والبريطاني والإيطالي، وقبلهم العثماني، لجعل مستوى الأجور متدنياً جداً لا يسمح بالحياة الكريمة.القصد من ذلك أن يظل المشتغل، أكان موظفاً، فيلجأ إلى الرشوة أو (الإكرامية)، أم عاملاً فتكون قدرته على الإنتاج ضعيفة لأن أجره يؤمن  له ولأسرته حد الكفاف أو أقل، وحافزه للعمل نتيجة لذلك ضعيف جداً، مما يضعف ارتباطه بعمله ووطنه ويخرب أخلاقه المسلكية، فيبحث عن عمل في بلد آخر، إذا تيسر له!تشكل في مصر (ديوان البرطيل) إبان الحكم العثماني، تسجل فيه الرشا للموظفين، ويطالب الراشي المرتشي بتنفيذ ما اتفق عليه ودفعت أتعابه سلفاً. الأجر القليل يجبر صاحبه على أن يمد يده للتسول أو الرشوة أو السرقة أو النهب!   تكرس موازنة 2013 هذا الفكر المدمر، فتنص في المادة (14):

 أ – لا يجوز لحوافز العمل أن تتجاوز لكل وزارة 0,5 ملايين ل. س، من ضمنها مبلغ لا يتجاوز 50 ألف ل س في كل شركة أو جهة عامة. علماً أن عدد العاملين في الدولة بلغ عام 2011 ما يزيد على 1,2 مليون.

بنيت أرقام الجدول (1) اعتماداً على المادة (14) من موازنة 2013

  تضاف إليها، أن يكون الحد الأعلى للحوافز في كل شركة أو جهة عامة 50 ألف ل س، مما يعني مزيداً من التخفيض على وسطي حوافز العمل للفرد، تبعاً لعدد العاملين في هذه الشركة أو تلك الجهة الحكومية، والتي تصرف من بند المكافأة في موازنة الوزارة أو الجهة العامة أو المؤسسة أو الشركة.

ب – بالنسبة لرئيس مجلس المحافظة لا يتجاوز المبلغ 50 ألف ل. س للعاملين في المديريات التابعة لمجلس المحافظة ومجالس المدن والبلديات.

ت – تصرف من بند المكافأة في موازنة الوزارة أو الجهة العامة أو الشركة.

ث – يتم صرف المكافآت في حدود 1: 12 من المبلغ المحدد في الفقرتين (أ) و(ب).

المادة (15)

تصرف اعتمادات المكافآت لأعضاء الهيئة التدريسية… مبلغ لا يتجاوز 3 ملايين ل. س لكل جامعة (5 جامعات، وعدد أعضاء الهيئة التدريسية 10202عام 2009/ 2010 (لا تشمل معاهد التراث العلمي والبحوث البيئية وتعليم اللغات والبحوث البحرية والعلوم السياسية) موزعة 3420 في دمشق، و1849 في حلب، و2735 في تشرين، و1912 في البعث، و286 في الفرات.

من الجدول (2) نلاحظ ضآلة وسطي الحد الأعلى للحوافز. واختلافه اختلافاً كبيراً جداً من جامعة إلى أخرى.

 تصرف الدول المتطورة اقتصادياً نحو 3% من الناتج المحلي الإجمالي على البحث العلمي، فكم تنفق الأقطار العربية؟ أجزاء من 1% فقط يُنفق تحت هذا البند! منذ عقود ازدهر اقتصاد المعرفة في العالم، لكنه محارب في وطننا العربي.كان القطر العربي السوري دوماً رائداً في تطلعه القومي والثوري، فلماذا لا يكون رائداً في مجال التحديث والتطوير، خاصة ود. بشار رئيس الجمهورية تبنى ذلك في مشروعه الإصلاحي، الذي حرفه عن مساره وأفرغه من مضمونه (خبراء) غربيون ورموز الفساد الذين هم عملاء الغرب؟ إنه الوقت المناسب أن نواجه العدو الغربي الاستعماري، الذي يشن علينا حرب استنزاف منذ عامين بإعادة مسار الإصلاح إلى مساره التحرري السليم، خاصة في المجال الاقتصادي.

 القطر العربي السوري متحالف مع فصائل حركة التحرر العربية في فلسطين ولبنان والعراق، ومع الدول المعادية للاستعمار الغربي، مثل الجمهورية الإسلامية الإيرانية. أليس من الضروري متابعة طريق التحرر الاقتصادي في الوقت الذي لا يتوقف العدو الأمريكي الأوربي الصهيوني عن حصار سورية وتطبيق العقوبات الاقتصادية عليها؟ تكون البداية بالاعتماد على (العقول العربية) وليس (الأجنبية)، ورصد 5% من الناتج المحلي الإجمالي للبحث العلمي. لا بد من إعادة دور الدولة المركزي في توجيه دفة الاقتصاد، ومن العودة إلى التصاعد الضريبي على الأرباح وصولاً إلى70%.

 تحتاج الدولة إلى موارد كثيرة، لتعيد بناء ما دمره العدو الاستعماري ومرتزقته من مدارس ومصانع ومنشآت للكهرباء وطرق ومبانٍ وتعويض أسر الشهداء وتطوير طاقاتنا الدفاعية وخلق ملايين فرص العمل للعاطلين عن العمل ورفع مستوى الأجور المتدني جداً، والذي ينجم عنه إنتاجية ضعيفة وكساد اقتصادي، لأن الدورة الاقتصادية تعاني ضعف الطلب الداخلي الناجم عن انخفاض الأجور وتحديد هامش الأرباح للتجار، وتولي الدولة تجارة الجملة والتجارة الخارجية، لأن غالبية الشعب عانت طمع التجار والأسعار الفاحشة التي جوعت غالبية الشعب، لمصلحة فئة صغيرة من التجار!

الفرصة الآن ذهبية ولا يجوز أن نضيعها في انتظار ما قد يحدث. الآن وليس غداً، ينبغي أن ينطلق قطار الإصلاح الاقتصادي، يقوده اقتصاديون عرب تطرح برامجهم الإصلاحية في الصحف والفضائيات للشعب ليبدي رأيه فيها. بلدنا غني جداً بالموارد البشرية والاقتصادية، لكن رموز الفساد تبددها بعد أن تنهب ما تستطيع نهبه وتهربه إلى مصارف العدو الاستعماري في أوربا والولايات المتحدة وغيرها. إن ما يُبدَّد من الموارد أكثر بكثير مما يُنهب، فمتى تقطع أيدي رموز الفساد ويتحرر القطر منهم؟! لقد أعدت روح هذه الموازنة بروح أعداء التقدم إذا أصرت على إهمال الاستثمار على نحو لم يسبق له مثيل. ونحن في أمس الحاجة إلى المزيد منه، لنضمد جراحنا ونزيد إنتاجنا ونطور اقتصادنا، وثانياً لتحديث وتطوير جيشنا وسلاحنا وإلى ترسيخ عقلية محاربة،  بإلغاء أي حافز للعمل ووأده!

الجدول (1) وسطي الحد الأعلى لحوافز العمل للفرد في كل وزارة (ل س)

الوزارة

الوسطي

الوزارة

الوسطي

الوزارة

الوسطي

النقل

27.12

الخارجية

الإدارة المحلية

5405

الاقتصاد

12.83

التعليم العالي

12.36

العدل

74.77

المالية

16.11

التربية

1.31

الأوقاف

57.66

الصناعة

7.57

الثقافة

106.36

المغتربين

النفط

11.26

الإعلام

79.30

البيئة

438.98

الكهرباء

11.60

الصحة

4.93

الداخلية

الزراعة

7.24

السياحة

175.74

الإسكان

12.94

اتصالات وتقانة

16.44

الري

15.34

الشؤون الاجتماعية

96.19

 

الجدول (2) وسطي الحد الأعلى للحوافز للفرد في الهيئة التعليمية حسب الجامعة

الجامعة

الهيئة التدريسية

الحد الأعلى لإجمالي الحوافز

وسطي الحد الأعلى للفرد

دمشق

3420

3 ملايين ل.س

877 ل. س

حلب

1849

3 ملايين ل.س

1622

تشرين

2735

3 ملايين ل.س

1097

البعث

1912

3 ملايين ل.س

1569

الفرات

286

3 ملايين ل.س

10489 

 

العدد 1140 - 22/01/2025