أداء الواجب المدرسي «إيجاد التوازن بين دور الأهل ودور الطفل»
من الرّسائل والملاحظات الهامة الّتي تردُ لإدارة أيّ مدرسة، كان الموضوع والسّؤال المحيّر: كيف نُساعد أولادنا على أداء واجباتهم المدرسيّة؟! فبعض الأهل يشعرون بالضّيق بسبب الكمّ الهائل من الواجبات المدرسيّة حتّى إنّهم يقولون للمعلّمة: (أنتِ بالتّأكيد تركزين على تحقيق قدر كبير من الإنجاز لتلاميذ صفّك، وذلك بالاعتماد على جهد البيت، أليس كذلك؟!). وبعض الأهل يقول: (ألا تعتقدون أنّ أداء الواجبات المدرسيّة لمدة خمس ساعات متواصلة كُلّ ليلة يدلُّ على كم هائل من الواجبات، للمرحلة الابتدائية)؟!
يُمثّل الواجب المدرسيّ في العديدِ من العائلات عبئاً كبيراً من الضّروري التّأكيد على أنّ الأطفال الّذين يؤدون واجباتهم المدرسيّة بانتظام يتعلّمون أكثر من غيرهم. فنحن المربين نعرفُ مدى أهميتها. ومع ذلك فالصّراع مع الواجب المدرسيّ هو المشكلة الأساسيّة الّتي يشكو منها كُلّ الآباء والمعلّمين.. وفي كثير من الأحيان نجد الآباء يتولون مهمة القيام بالواجبات بدلاً من أولادهم، وبذلك يحرمونهم من الإحساس بالمبادرة أو الملكية، فما هو القدر المعقول من المساعدة في أداء الواجبات، وماهو التّدخل الضّار في هذا الشّأن؟
هدفنا اليوم هو إيجاد توازن بين دور الأهل وبين دور الأطفال، وفي أثناء ذلك نكتشف بعض الحلول الّتي يمكن أن تُضاعف الفائدة المرجوة من العملية التّعليميّة.
الخطوة الأولى: ساعدوا أطفالكم ليكونوا منظمين، وذلك بمحاولة إيجاد مكان هادئ يعمل فيه الطّفل، وإذا أصرَّ على حاجته إلى الموسيقا، نقترح أن تكون موسيقا كلاسيكية، لأنّها تُفرز من الوظائف الّتي يقوم بها المخ ولا تعوقه. لتكن هناك إضاءة مناسبة، طاولة، رفوف للكتب، قاموس، أقلام رصاص، أقلام حبر، مُصنّف لوضع أوراق العمل أو أوراق الاختبارات (ما يُناسب منهجية كُلّ مدرسة)، مجموعة من الأوراق والكرتون تكون في متناول اليد لتوفر عليكم الذّهاب إلى المكاتب في الدّقائق القليلة الّتي تسبق البدء بالدّراسة، فذلك كفيل بتشتيت الطّفل.
قبلَ البدء بالدّراسة على الطّفل أو التّلميذ تسجيل الواجبات المطلوبة منه، ثُمَّ يقوم بوضع إشارة أمامَ كُلّ واجب أنجزه.
الخطوة الثانية: الوقت نفسه.. المكان نفسه… إذا أردتم لأطفالكم تكوين عادات الدّراسة اليومية اجعلوهم يدرسون في نفس المكان تقريباً، وفي نفس الوقت كُلَّ يوم. إذا كان هذا (الرّوتين) واتباع نمط معين يبدو تنظيماً مبالغاً فيه، فإليكم ما يقوله اختصاصي التّعليم د.كلارك: (إنَّ النّظم والطّقوس وبضمنها تناول وجبات الطّعام في مواعيد منتظمة، ومواعيد الذّهاب إلى النّوم، والقصّة الّتي تُقرأ قبل النّوم، وغيرها من التّقاليد اليومية، تكون أساس التّعليم، فبيت بلا طقوس هو بيت يكتنفه احتمالٌ قوي بأنّه يُعاني مشكلات الواجبات المدرسيّة).
إنَّ هذا المهام الرّوتينية في البيت تُقدّم النّظام الّذي يحتاجه الأطفال لتسلسل الأفكار والاستقرار خلال العام الدّراسيّ، والتّركيز على المثابرة لتعلّم المزيد.
الخطوة الثّالثة: تجنبْ التّدخل! كما أنَّ الرّياضي هو الشّخص الّذي ينزل إلى الميدان أو أرض الملعب للقيام باللّعب الفعلي، بينما يقفُ المدرب على الخطوط الجانبية للتشجيع وإعطاء التّعليمات، فكذلك الواجب المدرسيّ هو مسؤولية الطّفل، ودوركم كأهل يقتصر فقط على التّشجيع، تحديداً على تشجيع التّعلّم، ومساعدة أطفالكم لتكوين عادات صحيحة لأداء الواجب المدرسيّ.
أظهروا اهتماماً بسيطاً بما يستذكره أولادكم، وما يقومون به في المدرسة. وبدلاً من أن تسألوا طفلكم: (هل لديك واجبات اليوم؟). إذ يُجيب معظم الأولاد الإجابة التّقليدية: (لا، لم نأخذ شيئاً). اطرحوا السّؤال بطريقة مختلفة: أيّ نوع من واجبات الرّياضيّات سوف نقوم بحلّه اليوم، أو أيّ بماذا تبدأ أولاً: القراءة أم الرّياضيّات؟ ساعده على تجزئة المهام الكبرى إلى أجزاء صغرى يُمكن التّعامل بها بسهولة.
تجنّبوا نقد المدْرسة أو المدرسين أمام أطفالكم، لأنّ ذلك كفيل بتراجع أدائهم المدرسيّ وعدم رغبتهم في الذّهاب إلى المدرسة.
بالمقابل على المدرسين أن يكون في الواجبات المطلوبة من التّلميذ نوع من المرح، وبعيدة عن التّقليد، تدعوهم للتفكير لإبداع أشياء جديدة. وتكون معتدلة ومحدّدة واضحة الأهداف. فليس المهم الكمية بل نوع المعلومة والطّريقة الّتي تصل بها إلى التّلميذ حتّى يتمكن من التّعامل معها وحده دون مساعدة.
إذا ساعدتم أطفالكم ليكونوا منظمين، وعملتم على تشجيعهم لأجل الواجب الّذي تمَّ إنجازه بدقّة، فسوف تجدون أنّ إرادة التّعلّم عند أولادكم تزداد وتختفي الصّراعات الّتي تشبّ بينكم من وقت لآخر بسبب الدّراسة.