الشباب… والإدمان على الإنترنت

الإدمان هو اضطراب سلوكي يتجلى بتكرار فعل ما من قبل فرد ينهمك في نشاط معين يسبب لهُ نوعاً من المتعة لاقترانه بحاجة نفسية تم إشباعها، بغض النظر عن العواقب الضارة بصحته أو حالته العقلية أو النفسية أو الاجتماعية أو الاقتصادية.

وللإدمان أسباب كثيرة منها بيولوجية، وأخرى اجتماعية وأسرية وبيئية، أما إدمان الإنترنت فهو حالة من الاستخدام المرضي لشبكة الإنترنت تؤدي إلى اضطرابات في السلوك والتفكير والعادات والمفاهيم، وقد بدأت هذه الظاهرة بالانتشار في المجتمعات المعاصرة.

وظهر هذا المصطلح في الولايات المتحدة الأمريكية منذ عام ،1994 أعلنته عالمة النفس الأمريكية كامبرلي يونغ التي تعد من أوائل أطباء علم النفس الذين قاموا بدراسة هذه الظاهرة. وقد عَرَّفت يونغ إدمان الإنترنت بأنهُ استخدام شبكة الإنترنت مدة تزيد على ثمانٍ وثلاثين ساعة أسبوعياً.

ومن أعراض إدمان الإنترنت: الشعور بالمتعة نتيجة اقتران الإدمان بحاجة نفسية أو عضوية قد أُشبعت، والشعور بالألم الشديد والحرمان عندما لا يتم هذا الإشباع، الاستغراق الشديد في ممارسة استخدام الإنترنت بغض النظر عما يدور حول المدمن من أحداث، فقد لا يسمع نداء يناديه، وقد لا يرى ما يجاوره: كزيادة عدد ساعات الاستخدام على نحو مطّرد، والشعور بالتوتر والقلق الشديدين في حالة وجود عائق. وقد يصل هذا الشعور إلى حالة من الاكتئاب، والتكلم عن موضوع الإدمان(شبكة الإنترنت) في الحياة اليومية بمناسبة ودون مناسبة، وقد يستيقظ المدمن من النوم ويمارس استخدام الشبكة ويفتح مواقعه المفضلة.

استمرار الاستخدام رغم وجود مشكلات، كالتأخر عن العمل أو المدرسة، أو اضطرابات في العلاقة الأسرية.

أما مخاطر الإدمان، فتتلخص بأنها نتاج مركز للآثار السلبية للإنترنيت، وأهمها: سلب إرادة المدمن، والتجمد في اتجاه أو مجال واحد، والعزلة الاجتماعية التامة والانطواء على الذات، وتأخر المستوى المدرسي والتحصيلي، ومشكلات أسرية نتيجة قضاء ساعات طويلة أمام الإنترنت، وهدر الوقت، وقلة عدد ساعات النوم، ومعاناة نفسية وأضرار جسدية. وقد يفضي ذلك كلهُ إلى ارتكاب الجرائم. لقد كثر الحديث عما يسمى بالجرائم الإلكترونية، إذ يبتكر المدمن أثناء استخدامه الإنترنت لمدد طويلة حالات أو مشاهد قد تكون مسيئة للآخرين، منها تركيب الصور والتلاعب بها وتداولها، والتعارف المشبوه، والتغرير بالصغار من المراهقين والمراهقات، وهناك أيضاً حالات الغش بأشكال متنوعة وكثيرة.

ويذكر في هذا السياق أنهُ أجري الكثير من الدراسات حول مسألة استخدام الحاسب والإنترنت منها دراسة أجريت في إحدى الجامعات الكورية على 1296 طالباً، تتراوح أعمارهم بين12و19عاماً، وقد بينت أن 7,87% منهم يستخدمون الحاسب، نسبة الذكور94% والإناث81% وأن 4,63% قليلو الاستخدام، و5,30% متوسطو الاستخدام، و1,6%معرضون.

كما وجد أن أكثر المواقع ارتياداً لهؤلاء المراهقين هي: الألعاب بنسبة70%، والدردشة بنسبة12%، وبرامج تعليمية وسواها بنسبة8%، وتحميل برامج7%.

وفي دراسة أخرى تبين أن أبرز المواقع استخداماً: الدردشة والمواقع الإباحية، والأغاني، والألعاب، والمنتديات السياسية والإخبارية. وفي إحدى الدراسات العربية تبين أن 70% من مستخدمي الإنترنت مدمنون على المحادثة التي تتطور إلى صداقة وأحياناً إلى مشكلات.

في ضوء التقدم التكنولوجي والعلمي أصبحت الإنترنت نافذة الإنسان المعاصر على العالم، وقد دخلت إلى حياتنا من أبوابها الواسعة، وهي بحق أعجوبة العصر المذهلة إذ تطلعك على كل ما يدور في العالم بيسر وسهولة. ولكنها ككل تقنية لها مخاطر ومنعكسات سلبية، كما أن لها فوائد عظيمة لا يُغضُّ الطرف عن أهميتها. فمن الضروري جداً استخدام هذا النتاج الحضاري الكبير بما يفيد ويثقف ويغني ويطور حياتنا وأفكارنا وقيمنا كشباب مثقف له الحاضر والمستقبل. والمهم أيضاً استخدام الطمأنينة والمتعة والفائدة والأهداف المرجوة. فلنعمل جميعاً على العيش في عالم معلوماتي آمن دون أضرار تلحق بشبابنا.

العدد 1140 - 22/01/2025