كتاب «الاقتصاد الدولي» (*)
يسهم المركز العربي للتعريب والترجمة والتأليف والنشر في تعريب وترجمة الكتب العلمية من اللغات الأجنبية، وخاصة الإنكليزية والفرنسية، إلى اللغة العربية، مع التركيز على الكتب التي تهم طلاب التعليم العالي والدراسات العليا. وتحت مظلة المركز قام عدد من أساتذة كلية الاقتصاد بجامعة دمشق (د. أحمد صالح، د. هيثم مصطفى، د. قيس خضر) والدكتور حسان إسماعيل من المعهد العالي للإدارة، بترجمة كتاب قيّم بعنوان: (الاقتصاد الدولي)، تأليف الاقتصادي المعروف: (جيمس جيربر).
(يقتضي الفهم الدقيق للتكامل الاقتصادي العالمي منا أن نُعرِّف ما المقصود بهذا المصطلح. درج الاقتصاديون على سَوقِ أربعة معايير أو مقاييس للحكم على درجة التكامل. تتجسد هذه المعايير الأربعة في: تدفقات التجارة، تدفقات راس المال، تدفقات الأفراد، وتماثل الأسعار بين الأسواق المنفصلة. بينما تبدو المعايير الثلاثة الأولى واضحة بذاتها، يشير معيار تماثل الأسعار إلى حقيقة أن الاختلافات السعرية بين الاقتصادات المتكاملة تبقى طفيفة نسبياً، وتنحصر في الاختلافات في تكاليف النقل. في هذا السياق، يمكن أن ننتظر تقارباً في الأسعار عندما يكون باستطاعة السلع أن تنساب بشكل حر من الأماكن التي تُنتج فيها بتكاليف أقل، إلى الأماكن التي تُنتج فيها السلع نفسها بتكاليف أعلى، تماماً كما هي الحال عندما تنتقل السلع من الأماكن التي توجد فيها بوفرة وبأسعار رخيصة إلى الأماكن التي تكون فيها نادرة وغالية. تُعتبر هذه المؤشرات بمجملها – تدفقات التجارة، تحركات عناصر الإنتاج (العمل ورأس المال)، إضافة إلى تماثل الأسعار – مقاييس لدرجة التكامل الاقتصادي الدّولي) – ص5.
تم تصميم كتاب (الاقتصاد الدولي)لتغطية مواضيع الاقتصاد الدولي على المستويين الجزئيُّ والكلي في فصل دراسي واحد لطلاب كليات الاقتصاد. وينتهجُ المؤلف الأسلوب ذاته المتبع في الطبعات الخمس السابقة، ويقدم لنا مبادئ النظريات الأساسية وتحليل السياسات، كما يتناول العلاقات الاقتصادية الدولية في إطار مؤسساتي وسياقٍ تاريخي. الهدف من هذا الكتاب هو فهم الطلاب العلاقة السببية للاقتصاد الدولي.
وصل عدد صفحات الكتاب إلى 496 صفحة من القطع المتوسط، وقُسّم الكتاب إلى أربعة أجزاء هي:
الجزء الأول – (مقدمة ومؤسسات)، ويتضمن الفصل الأول بعنوان: (الولايات المتحدة والاقتصاد العالمي، والفصل الثاني بعنوان: (المؤسسات الاقتصادية الدولية منذ الحرب العالمية الثانية).
الجزء الثاني – (التجارة الدولية) ويتضمن الفصل الثالث: عرض المزايا المقارنة للتجارة الدولية وعوائدها. والفصل الرابع: حول المزية المقارنة ووفرة عوامل الإنتاج، والفصل الخامس: ما وراء المزايا النسبية، والفصل السادس: حول نظرية الرسوم الجمركية والحصص، والفصل السابع: السياسة التجارية، والفصل الثامن: حول التجارة الدولية ومعايير العمل والبيئة.
ناقش الجزء الثالث موضوع التمويل الدولي وتضمن: الفصل التاسع: حول التجارة الدولية وميزان المدفوعات، وعرض الفصل العاشر أسعار الصرف وأنظمتها، والفصل الحادي عشر: مقدمة في دراسة علم الاقتصاد الكلي للاقتصاد المفتوح، والفصل الثاني عشر حول الأزمات المالية الدولية.
وعرض الجزء الرابع قضايا إقليمية من الاقتصاد العالمي، وتضمن الفصل الثالث عشر بعنوان: الولايات المتحدة الأمريكية في الاقتصاد العالمي، والفصل الرابع عشر حول الاتحاد الأوربي: الكثير من الأسواق في سوق واحدة، والفصل الخامس عشر: التجارة وإصلاح السياسات في أمريكا اللاتينية، والفصل السادس عشر حول النمو الموجه نحو الصادرات من آسيا الشرقية، والفصل السابع عشر عرض تجربة دول البريكس في الاقتصاد العالمي.
(في آب من عام 2007 عصفت أزمة بقطاع السكن في الولايات المتحدة الأمريكية، في ذلك الوقت، قلة من الناس أدركت أن أزمة الرهن العقاري ذي التصنيف الائتماني المنخفض قد تكون واحدة من تجليات التكامل الاقتصادي الدّولي، أو أنها قد تدفع بالاقتصاد العالمي إلى حافة الانهيار، امتدت الأزمة حتى نهاية عام ،2007 وكذلك خلال عام ،2008 وخلال صيف ذاك العام كانت، تقريباً، كل اقتصادات الدّول ذات الدخل المرتفع في حالة اضطراب شديد. انتشرت عدوى هذه الأزمة كالوباء عندما انهار عدد من البنوك إضافة إلى مؤسسات مالية أُخرى، بينما توقفت المؤسسات التي تتمتع بملاءة مالية عن تقديم القروض) – ص3
من أهم السّمات، التي تميّز هذا الكتاب عن العديد من الكتب:
أولاً – الإضافة إلى تغطية النظرية الاقتصادية والتركيز على إتقانها بشكلٍ أساسي، تمّ الأخذ بالحسبان أنَّ معظم الدارسين يستوعبون النظرية تماماً من خلال تدعيمها بأمثلة عن تطبيقاتها العملية في بعض دول العالم. لهذا الغرض تم إغناء النظرية بدراسات حالة وتوضيح دور المؤسسات الاقتصادية وتحليل السياسات الاقتصادية الدولية مروراً بالتاريخ المعاصر للاقتصاد الدولي.
ثانياً – يقدّم لنا الكتاب تفصيلاً تاريخياً ومؤسساتياً أكثر غنىً من معظم الكتب الأخرى، فهو يوضح العلاقة بين النظرية الاقتصادية والسياسة الاقتصادية من جهة، وبين علم الاقتصاد وبقية العلوم الإنسانية من جهة أُخرى.
ثالثاً – يُركّز الكتاب على مناطق جغرافية معينة كأمريكا الشمالية وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية، والاتحاد الأوربي، وأمريكا اللاتينية، وآسيا الشرقية، واقتصادات دول مجموعة البريك. لفهم التوجهات العالمية ومراقبة القوة الفكرية للنظرية الاقتصادية في الممارسة.
كتاب (الاقتصاد الدولي) لمؤلفه جيمس جيربر يغطي مواضيع الاقتصاد الدولي كافة على المستوى الكلي والمستوى الجزئي، فالكتاب يعرض مبادئ النظريات الأساسية للاقتصاد الدولي مدعمة بتحليل السياسات، والعلاقات السببية الاقتصادية للاقتصاد الدولي. موضحاً التوافق بين الآراء الاقتصادية حال وجودها، ومبيناً الاختلافات في الرأي للاقتصاديين مع الإشارة إلى اتفاق خبراء الاقتصاد أكثر من عدم الاتفاق.
تقويم الكتاب
يتضمن الكتاب جداول وبيانات وقوائم ورسوماً بيانية وأشكالاً توضيحية.
يبدأ كل فصل من فصول الكتاب بسرد قائمة الأهداف التعليمية.
تتضمن بعض الفصول دراسة حالة حول مكاسب التبادل التجاري الدولي وآليات عمل الاقتصاد الدولي.
ناقش الكتاب موضوع تدويل الأعمال مع إضافة دراسة حالة جديدة حول دور الصين في سلاسل العرض العالمي المتعلق بمنتجات الجيل الثالث من (آبل أيفون Apple Iphone 3G)
تضمن الكتاب دراسة حالة حول منظمة التجارة العالمية والدول النامية.
ركّز على المستويات الحالية لمعدلات التعريفة الجمركية.
أفرد الكتاب دراسة حالة جديدة حول التغير المناخي العالمي، ومعايير العمل ومعايير البيئة.
عرض الكتاب تقديرات صندوق النقد الدولي لمجموعة من البلدان التي تستخدم أي نوع من أنظمة أسعار الصرف.
ركز على العلاقات الاقتصادية الدولية للولايات المتحدة، بضمنها النافتا، وعرض دراسة حالة جديدة حول الاتفاقيات التفضيلية مثل قانون النمو، وإتاحة الفرص في أفريقيا.
قدم الكتاب بشكل مختصر عرضاً حول مؤسسات الاتحاد الأوربي، مع شرح مفصل عن مكاسب السوق الموحدة، إضافة إلى دراسة حالة حول المشاكل الحالية لمنطقة اليورو.
في الفصل الأخير للكتاب قدم عرضاً لاقتصادات دول مجموعة البريكس كتكل اقتصادي.
(لا يعتبر الاقتصاد العالمي في وضعه الراهن الشاهد الأول على النمو الهائل في الصلات الاقتصادية بين الدّول، فقد عرف العالم فترة أُخرى هامة بهذا الصدد بين العامين 1870 و1913 . آنذاك، كان للتقنيات الحديثة كالكابلات العابرة للأطلسي والسفن التي تعمل بقوة البخار وانتشار السكك الحديدية ووسائل أُخرى غيرها، كان لكل هذا، الدور الأبرز في تحقيق ترابط اقتصادات العالم، وبما لا يقل أهمية عما يجري في الزمن الحالي. فعلى سبيل المثال، عندما اكتمل مد أول كابل عبر الأطلسي في عام ،1866 تقلص الزمن اللازم لرجل أعمال في نيويكر ليتم صفقته في لندن مما يقارب ثلاثة أسابيع إلى يوم واحد فقط، وبحلول عام ،1914 تقلص الزمن نفسه إلى دقيقة واحدة عندما أصبح الاتصال عبر الراديو ممكناً). (الصفحة 4)
ويمكن الإشارة إلى أهم السمات الإيجابية للكتاب:
لم يقتصر عرض الموضوعات التي نوقشت في الكتاب على تغطية النظرية الاقتصادية فحسب، بل حاول المؤلف دائماً أن يدعمها بأمثلة عن تطبيقاتها العملية في تجارب دول العالم والاقتصاد الدولي.
غطّى الجانبين الرئيسين في الاقتصاد الدولي وهما (الجزئي والكلي)، بهدف التركيز على المفاهيم الأساسية، ورُتبت الموضوعات حسب أهميتها النسبية.
حاول المؤلف في الكتاب إلقاء الضوء على العلاقة بين النظرية الاقتصادية والسياسة الاقتصادية من جهة، وبين علم الاقتصاد وبقية العلوم الاجتماعية والإنسانية من جهة أخرى.
ركز في كل جزء من أجزاء الكتاب على منطقة جغرافية معينة من العالم، مما يتيح للطلاب فرصة لتوسيع مداركهم وفهمهم للتوجيهات الاقتصادية العالمية ومراقبة القوة الفكرية للنظرية الاقتصادية خلال الممارسة العملية.
يبدي العديد قلقاً حول تزايد الاندماج الاقتصادي الدّولي، بسبب المشاكل المحتملة. من الممكن أن يمنح تزايد التجارة المستهلكينَ أسعاراً أقل وخيارات أكثر، ولكن هذا يعني في الوقت نفسه المزيد من المنافسة التي يتعرض لها العمال والشركات. وتؤدي التدفقات الرأسمالية إلى ازدياد حجم التمويل المتاح للفرص الاستثمارية، بالمقابل فإنها تزيد من أخطار انتشار الأزمات المالية العالمية. وتقود الهجرة المتزايدة إلى زيادة دخل المهاجرين وتخفيض تكاليف العمالة وتحسين مستوى المهارات لدى الشركات، بالمقابل تزداد حدة المنافسة في أسواق العمل، التي تؤدي بشكل حتمي إلى ازدياد النزاعات والضغوط الاجتماعية. قد تساعد المنظمات الدّولية في تسوية النزاعات لكنها قد تكون على حساب السيادة الوطنية، وذلك بممارسة الضغوط على البلدان لإجراء بعض التغييرات في التشغيل والتوظيف. (الصفحة 12)
إن إسهام أساتذة كلية الاقتصاد بجامعة دمشق بترجمة هذا الكتاب التعليمي (الاقتصاد الدولي) يوضح لنا الدور السامي لجامعة دمشق في نقل العلوم والمعرفة من اللغات الأجنبية إلى اللغة العربية، كما أن نشر هذا الكتاب بمبادرة من المركز العربي للتعريب والترجمة والتأليف والنشر يؤكد الدور الكبير للمركز في تعميم المعرفة ونشر الفكر الاقتصادي.
عرض وتقديم:
د. مصطفى العبد الله الكفري
كلية الاقتصاد – جامعة دمشق
الاقتصاد الدولي
تأليف: جيمس جيربر
ترجمة: د. هيثم عيسى، د. حسان إسماعيل، د. قيس خضر، ود. أمجد صالح
منشورات: المركز العربي للتعريب والترجمة والتأليف والنشر
دمشق 2013