المرأة والإعلام

للإعلام دور رائد في جميع مناحي الحياة، وله كبير الأثر في تغيير اتجاهات الأفراد وقناعاتهم، وحتى تغيير عادات المجتمع الراسخة الذي المرأة جزء منه. وبدأ الإعلام بوسائله المكتوبة والمسموعة والمرئية بتصوير المرأة تصويراً يحط من قدرها ولا يعبر عما وصلت إليه في مسيرة تقدمها على مستوى المجتمع المعاصر. ويقوم بالتركيز على النماذج السلبية لها ويشكك بقدرتها على الاستجابة للحياة العصرية. والملاحظ أن المرأة العربية تتعرض لحملة تشويه، فبدلاً من أن يكون الإعلام منبراً لإيصال معاناتها أصبح شريكاً فيها، عبر طغيان البرامج الترفيهية المبتذلة، وحصر اهتمامات المرأة ضمن إطار الاهتمام بالشكل وبرامج الجمال والموضة وعمليات التجميل وغيرها.. ليعزز فيها أن جمال المظهر، غاية تستحق أن تبدد حياتها من أجلها، ما يعكس نظرة الإعلام لها على أنه لا يرى فيها سوى وجه وجسد جميلين مع إماتة مستهدفة لعقلها وفكرها وروحها وحتى إنسانيتها.

ومع تطور أجهزة الإعلام تطوراً مذهلاً، أصبحت قادرة على أداء أدوارها بشكل فاعل، في إيصال فكرة وتكوين أيديولوجية وصياغة ذوق عام. وهنا تكمن خطورة الموضوع، لأنه جعل المرأة تعيش تخلفاً فكرياً وفراغاً روحياً، خاصة بعد تكريس نموذج المرأة الغربية، على أنه هو النموذج القدوة.

وبما أن المرأة نصف المجتمع، وتربي النصف الآخر، فهذه الثقافة المفروضة، لا تفسدها فقط بل تفسد المجتمع بأكمله. وكما قال توفيق الحكيم: (إن عقل المرأة إذا ذبل ومات، فقد ذبل عقل الأمة كلها ومات). فالتشويه طال أمة بأكملها.

مع العلم أن هذه الآثار، تظهر بدرجات متفاوتة، إذ تختلف من مجتمع إلى آخر، ومن امرأة إلى أخرى.

وبرغم تنوع وسائل الإعلام، من حيث الملكية ومصادر التمويل، غير أن أغلبها اشترك في عدم النظر إلى قضايا المرأة، بوصفها قضايا اجتماعية، ثقافية، سياسية يجب التصدي لمعالجتها، وخلق وعي اجتماعي حول خطورة إهمالها.. إذا ما تعاطت مع تلك القضايا، فإن ذلك يتم بطريقة خبرية تقريرية وإنشائية. فمن النادر تناول الوسائل الإعلامية، الأمية المتفشية بين الإناث، وتسرب الفتيات من التعليم،والعنف، والاستغلال الجنسي، ناهيك بمعاناة المرأة العاملة، والتحديات التي تواجهها داخل المنزل وفي بيئة العمل، ومعاناة المرأة المعيلة والأرامل اللائي صارت نسبتهن لا يمكن إغفالها أو تجاهلها.

وأحياناً نرى، تظاهر الإعلام بكل قنواته بالدفاع عنها والبحث عن حقوقها، وإثارة قضايا مفتعلة، كضرورة تحررها من القيود التي تتمثل بالدين ومهاجمة الرجل، والتمرد على كل عادات المجتمع حتى الصحيحة منها. لتوهمها أن بانحلالها تحررها. وهي بذلك (وسائل الإعلام) قامت بدورها المساعد لتخليص المرأة من العوائق التي تقف في وجهها على عكس الحقيقة. إذاً أين هي المرأة المتوازنة المتزنة؟ المرأة الجميلة المثقفة؟ لذا يجب على إعلامنا أن يوجد استراتيجية يحقق بها توازن المرأة، الذي يؤدي طبعاً إلى توازن المجتمع وتحسين صورتها، وإتاحة المساحة لصوتها لتعبر عن قضاياها وحلها والمطالبة بحقوقها، لتمتلك القدرة على التأثير الخلاق في بناء المجتمع المتطور الذي ننشده، فهي الأقدر على تفهم واستيعاب القضايا التربوية التي يقوم عليها بناء الأجيال القادمة.

العدد 1140 - 22/01/2025