أهم الأزمات المعيشية التي واجهها المواطن خلال 2014.. بنزين ومازوت وغاز.. ونقل وخبز وكهرباء!
أيام قليلة تفصلنا عن العام الجديد 2015 أيام قليلة وينتهي العام الجاري بما حمل من أفراح وأتراح، ويبقى المواطن يُشعل الأمل بداخله بأن يعود الأمان إلى وطنه وتعود الفرحة والبهجة إلى مجتمعه، وليعود المستقبل ويشرق من جديد أمامه.
عام 2014 ربما لم يكن يختلف كثيراً عن سابقه 2013 من حيث الظروف المعيشية التي مرت على المواطن، وإن كانت خلال العام الحالي أكثر شدة عليه ولكنها في أغلبها تتشابه مع العام الماضي.
بكلماتنا التالية سنلقي بعض الضوء على أهم الأزمات الاقتصادية التي واجهها المواطن خلال العام الماضي واستطاع أن يتخطاها بحنكته الاقتصادية، وإن كان لم يدرس الاقتصاد ولكن برهن أنه قادر على الصمود رغم صعوبة الظروف، وينطبق الأمر أيضاً على الاقتصاد السوري الذي استطاع رغم كل العقوبات الجائرة بحقه خلال السنوات الماضية أن يصمد ويكسر تآمر المتآمرين عليه.
وبنظرة سريعة على أهم القرارات الحكومية التي صدرت خلال العام الحالي والتي مست معيشة المواطن، فقد كان الأكثر من حيث القرارات الحكومية الخاصة برفع الأسعار سواء للخدمات الموجهة للمواطن أو السلع المدعومة، وقد ذكرنا سابقاً أن الحكومة أصدرت نحو 9 قرارات منذ بداية العام الحالي ولغاية آب الماضي، وهذه القرارات كان لها أثر بالغ على معيشة المواطن مثل رفع أسعار الغاز والمازوت والبنزين والكهرباء وأسعار الأرز والسكر التموينين ورفع سعر الخبز ورفع أجور الاتصالات والإنترنت.
وبالطبع القرارات السابقة كلها تعلقت وجاءت كنتيجة للأزمة الراهنة التي تمر على سورية، ولكن هذه القرارات وغيرها انعكست انعكاساً مباشراً وغير مباشر على الأسواق والسلع وعلى الخدمات المطروحة، وبالتالي أثرت على دخل المواطن، في ظل أوضاع اقتصادية صعبة تمر على معظم المواطنين سواء الذي لديه عمل أم العاطل عن العمل والذي يعتبر الأكثر تضرراً من أي تحريك للأسعار، لأنه فاقد للدخل.، وهنا نسأل: ما هي أهم الأزمات التي واجهها المواطن خلال العام الحالي؟
أزمات المازوت المتجددة..
في كل شتاء تحدث أزمة مازوت ولكن هذا الشتاء كان الأقل في عرض هذه المادة في الأسواق، وخاصة بعد رفع سعره إلى 80 ليرة لليتر بالنسبة للتدفئة والنقل، و150 ليرة للصناعيين والمنشآت ذات الأنشطة المختلفة، وترافق ذلك شح وصعوبة في توفر هذه المادة، ما دفع العديد من المواطنين إلى التوجه للحطب للحصول على الدفء، لدرجة أنه بات من الصعب جداً السير في الشوارع دون وضع كمامة من رائحة الحطب المنبعثة من المداخن.
أما الصناعيون فاضطروا لشراء المازوت من السوق السوداء وخاصة ممن يملكون ورشات صغيرة مثل الخياطين والطرازين والحدادين والنجارين وغيرهم، ولكن بأسعار خيالية ومجنونة تصل إلى 250 ليرة لليتر مما أثر على الإنتاج وأثر أيضاً على التكلفة النهائية للسلعة وأثر على التنافسية في حال التصدير، وجاء ذلك نتيجة طول ساعات انقطاع التيار الكهربائي.
وسمحت الحكومة مؤخراً للصناعيين باستيراد مادتي الفيول والمازوت لصالح المنشآت الصناعية التي لا تزال قيد الإنتاج، وقد يساعد هذا القرار الصناعيين في استمرار عملية إنتاجهم، وفق مراقبين.
ولا ننسى أن لرفع سعر المازوت وندرته أثراً على المواصلات من حيث توفرها ومن حيث الأسعار وأجور النقل والتنقل، التي رفعت رفعاً كبيراً سواء في وسائل نقل الركاب أو نقل الخضار والسلع الغذائية أو غيرها، فكل الأسعار تضاعفت وانعكس ذلك على السعر النهائي الذي تحمله المستهلك وحده في ظل جمود الدخل وزيادة التضخم واتساع الفجوة بينهما.
البنزين وطوابير الانتظار..
البنزين أيضاً لم يكن بعيدا عن خط الأزمات، فحالياً تواجه المحطات في دمشق وريفها شحاً في هذه المادة وهي لا تعتبر الأولى بل تكررت خلال العام الحالي، ورفعت الحكومة سعر ليتر البنزين على عدة مراحل حتى وصل إلى 135 ليرة، في التخفيض الأخير له، وبالطبع ظاهرة (الغالونات) تتكرر في كل أزمة، بنزيناً كانت أم مازوتاً، وتنتشر عمليات بيع البنزين في السوق السوداء وعلى الأرصفة وبلغ سعر ليتر البنزين نحو 200 ليرة، حتى أن البعض يقتات من وراء بيع البنزين لبعض التكاسي العاملة في الأرياف، ولم يعد مشهد طوابير السيارات على محطات الوقود أمراً غريباً بل أصبح اعتيادياً حتى أن هذه الطوابير تصل إلى مئات الأمتار وقد يمضي النهار والليل بطوله لكي تحصل على بضع ليترات من البنزين تستطيع أن تحرك بها سيارتك.
المواطن والبحث عن المعشوقة الزرقاء
حالياً يواجه المواطن أزمة الغاز وبالطبع هذه الأزمة أيضاً ليس بجديدة، ففي كل شتاء هناك أزمة للغاز، والحلول تكون إسعافية، وسعر الأسطوانة في السوق السوداء تتضاعف في كل عام، وباتت الطوابير على المراكز والمحطات أمراً اعتيادياً للمواطن، ودفعت المواطنين إلى شراء السخانات الكهربائية التي انتشرت في الأسواق انتشاراً سريعاً، وذلك بغية إبقاء اسطوانة الغاز على قيد الحياة أطول وقت ممكن.
النقل ورياضة التدفيش والمشي
أما في الحديث عن النقل، ففي كل يوم هناك معاناة يواجهها المواطن لتأمين وسيلة النقل تذهب به إلى عمله وتعود به إلى منزله، وفي كل يوم يواجه (التدفيش) والتكسير والازدحام والركض وراء وسائل النقل العامة، فهو قد حذف التكسي من خياراته لارتفاع تكاليفها، حتى أنه بات يعتمد على المشي أكثر لأنها الطريقة الأسرع له والأقل كلفة، ولا ننسى أيضاً ارتفاع تكلفة التنقل في وسائل النقل العامة مثل السرافيس وباصات النقل الداخلي التي تضع التعرفة وفق مزاجها في بعض الأحيان، كما هو حال التكاسي التي إلى الآن لم تصدر تعرفة محددة لعملها.
الكهرباء.. أزمة حتى قبل الأزمة!
الكهرباء هي الأزمة المتجددة حتى قبل الأزمة التي تمر على سورية، وزادت حالياً نتيجة الاعتداءات على خطوط التغذية، ودفعت أزمة الكهرباء الكثير من المواطنين إلى اقتناء المولدات الكهربائية التي تضاعفت أسعارها بشكل كبير مع انتشار نوعيات رديئة في الأسواق، ولكن ما إن رفع سعر البنزين والمازوت حتى أصيبت هذه المولدات بسكون عجيب، فلم يعد يسمع المواطن أنين هذه المولدات إلا ما ندر، ودفعت أزمة الكهرباء، التي زادت ساعات الانقطاع إلى حدود كبيرة، دفعت المواطن إلى شراء الليدات والمدخرات اللتين ارتفعت أسعارهما ارتفاعاً كبيراً، فلم يعد يخلو منزل من (ليد أو بطارية) وبات الأمر عرفا سائدا في كل المنازل.
الكهرباء لها شجون كثيرة لأنها العصب الأساسي للحياة، وعليها يعتمد الكثير من النشاطات الاقتصادية والمنزلية، ولها آثار سلبية كثيرة على الاقتصاد.
الخبز والركض وراء الإشاعات
أزمة الخبر في كل عام تتجدد وإن كان لا يوجد أسباب منطقية لها، ولكن لدى سماع المواطن بأن هناك عاصفة ستأتي إلى البلاد أو لدى سماعه لأي إشاعة، فإنه يقوم مباشرة بتخزين مادة الخبز، وبالتالي تحدث ازدحامات خانقة أمام الأفران، وإلى الآن لا تزال عملية بيع ربطات الخبز تنتشر على الأرصفة وفي الطرقات، وإلى الآن تسعر الربطة لمن لا يريد الانتظار أمام الفرن بـ 50 ليرة وربما أكثر.
هذا جزء قليل عرضاناه من الأزمات المعيشية التي استطاع المواطن السوري تجاوزها خلال العام الحالي، وسنعرض لاحقاً بانوراما اقتصادية تختص بقطاعات معينة مثل الزراعة والصناعة والتجارة خلال العام الحالي، ولكن ما نريد التركيز عليه هو ليس إلقاء الضوء على السلبيات بل لنبرهن للعالم كله أنه رغم كل الظروف الصعبة التي واجهها الاقتصاد السوري والمواطن السوري فقد استطاعا تجاوزها، ولنؤكد أيضاً أن لدى حدوث أي أزمة في أي مادة تمس المواطن فإن السوق السوداء وتجار الأزمات هما المستفيدان دائماً من حدوثها، وهنا لا بد من التنبيه على أهمية وضع حد لهذه السوق والضرب بيد من حديد على كل متاجر بحاجات المواطن.