الشعب السوري ينتخب رئيساً وسط هجمات المتمردين

أدلى نحو 12 مليون سوري بأصواتهم في 9.601 مركز انتخابي عبر سورية. بلغت نسبة التصويت 72 في المئة، ومن ضمن المصوّتين ملايين اللاجئين السوريين الذين يعيشون في مختلف دول العالم. فاز في الانتخابات الرئيس بشار الأسد بأكثر من 88 في المئة من الأصوات، بينما خسر النائب ماهر حجار الذي حصل على 3.2في المئة من الأصوات. وتنافس أيضاً رجل الأعمال البارز حسان النوري، وحصل على 4.3 في المئة.

اتسم يوم الانتخابات في حمص واللاذقية ودمشق والسويداء وحلب وفي البلاد كلها تقريباً باستعراضات عفوية وقوافل سيارات وتجمعات جماهيرية لآلاف الناس، والكل يظهر ابتهاج الشعب السوري لإنجازه انتخاباً شعبياً وسط عنف المتمردين. ظلت مراكز التصويت مفتوحة حتى منتصف الليل بسبب الإقبال الشديد.

بالنسبة لملايين السوريين، كان  معنى هذه الانتخابات أكثر من التعبير عن حقهم في التصويت. كان الشعب السوري يحتفل بحقه في الوجود متحرراً من الهيمنة الأجنبية والعنف.

تدمير سورية (صناعة أمريكية)

كانت سورية لأكثر من ثلاثة أعوام عرضة لهجوم متمردين يمينيين مدعومين أمريكياً، يريدون إسقاط الرئيس الأسد ووضع سورية تحت سيطرة الولايات المتحدة وأوربا. يقدر أن أكثر من 160 ألف إنسان ماتوا بسبب القتال منذ عام 2011 ومن ضمن هؤلاء أكثر من 62 ألفاً من المقاتلين المؤيدين للحكومة، وأكثر من 53 ألف مدني ونحو 26 ألفاً من المتمردين المسلحين. وقتل في سورية أكثر من 13 ألف مقاتل أجنبي إلى جانب المتمردين اليمينيين. وقد تطوع أكثر من مئة ألف سوري في ميليشيات شعبية ووقفوا إلى جانب الجيش السوري للدفاع عن بلدهم. وقد ازداد الفقر والبطالة بسبب التدمير الهائل والحرب المتواصلة.

كان عشرات  آلاف المتمردين – نسبة كبيرة منهم جاءت من أمريكا الشمالية وآسيا وأوربا وأستراليا – المحرضين على العنف بمساعدة مئات ملايين الدولارات والدعم المادي من الولايات المتحدة وكندا وأوربا والعربية السعودية وقطر – وفقاً لمسؤولين سوريين، جاء المتمردون من 87 بلداً، ويخوض المقاتلون حرباً بالوكالة عن الولايات المتحدة وأهدافها في تغيير النظام. وهم مسؤولون عن مصرع الأكثرية الساحقة من الناس الذين قُتلوا منذ بداية الحرب.

دمشق، التي تعد المدينة المسكونة الأقدم في العالم، هدف لقذائف هاون المتمردين كل ساعة تقريباً. حرب غير نظامية تتضمن قنابل محمولة بشاحنات بيك أب في الكثير من الأحيان وتفجيرات انتحارية، وهي بعض التكتيكات المفضلة لمن يسمون بـ(المتمردين).

شبهت الولايات المتحدة وحلفاؤها حركة الاحتجاج في سورية في عام 2011 باحتجاجات أخرى في العالم العربي. ولكن الذين احتجوا هم الآن مع الرئيس الأسد. فبدلاً من الثورة توجد في سورية ثورة مضادة.

قصف المتمردون 600 مشفى ومؤسسة طبية، من ضمنها أحد أكبر مراكز السرطان في آسيا (مشفى البيروني) الذي كان يعالج مرضى السرطان مجاناً. يهاجم المتمردون يومياً الجسور والطرق السريعة ومحطات الطاقة، ماسبب انقطاع الكهرباء عن ملايين السوريين.احتل المتمردون معامل نسيج كاملة وشرعوا في نقلها إلى تركيا وأعادوا فتحها لصالحهم. حقول النفط التي كانت تنتج 380 ألف برميل يومياً، وتؤمن 12 مليار دولار سنوياً، استخدمتها الحكومة لتوفير الغذاء المدعوم والمساكن والعناية الطبية المجانية والتعليم المجاني على كل المستويات،هي الآن تحت سيطرة (النصرة) المتفرعة عن (القاعدة).

ازدياد شعبية الأسد

على الرغم من هذا العنف والتدمير الهائل ازدادت باستمرار شعبية الحكومة السورية بقيادة الأسد الذي تحرك باستمرار نحو نهاية سياسية للعنف.

أثبتت الانتخابات الرئاسية شعبية الأسد، انتظر مئات آلاف اللاجئين السوريين في لبنان والأردن ساعات للتصويت في السفارة السورية. انتظر كثيرون للتصويت في لبنان، حيث يعيش الآن أكثر من مليون سوري، لدرجة أنه جرى تمديد التصويت ليوم ثان. وسافر آلاف المغتربين لسوريين إلى بلادهم من أجل التصويت. كانت هذه الضربة الأولى للمزاعم الأمريكية والأوربية بأن هذه الانتخابات غير شرعية، صوت السوريون في الانتخابات الرئاسية في 43 سفارة حول العالم.

ولكن السوريين في تركيا والعربية السعودية والإمارات العربية وفرنسا وألمانيا وبلجيكا والولايات المتحدة وكنذا لم يستطيعوا التصويت في سفاراتهم، لأن تلك البلدان لم تسمح بذلك. سافر خمسة وعشرون سورياً من (العرب الأمريكيين من أجل سورية) و(المنتدى السوري الأمريكي) من الولايات المتحدة إلى سورية للتصويت في الانتخابات وإظهار التأييد لحكومتهم.

رد واشنطن النفاقي

تحدث رئيس الولايات المتحدة باراك أوباما عن الأزمة السورية في أيار، في حفل التخرج في أكاديمية ويست بوينت العسكرية قائلاً: إن الولايات المتحدة (ستنسق مع أصدقائنا وحلفائنا في أوربا والعالم العربي كي تدفع نحو حل سياسي للأزمة). بعد ذلك، وفي الخطاب ذاته، أعلن عن مئات ملايين الدولارات من المساعدات – قنابل وصواريخ ومرتزقة- لمن يسمون بالمتمردين (المعتدلين) في سورية.

شريكان رئيسان للولايات المتحدة في الحرب على سورية، وهما العربية السعودية وقطر، مملكتان لا توجد فيهما انتخابات أو حرية التعبير أو أي احترام لحقوق الإنسان.

بدلاً من المشاركة في الانتخابات، أعلن المتمردون المسلحون نيتهم تعطيل الانتخابات بنشر العنف لترويع الناخبين. في اليوم السابق للانتخابات، قصف المتمردون مدينة حلب، المركز الصناعي الأكبر وثاني أكبر مدن سورية، وقتلوا عشرين شخصاً على الأقل وجرحوا ثمانين. ولكن ذلك لم يمنع الآلاف من التصويت في اليوم التالي.

المتمردون منقسمون في الكثير من الأحيان ولا يقدمون برنامجاً سياسياً مفهوماً سوى خلق سورية ضعيفة تهيمن عليها الولايات المتحدة وحلفاؤها.

واصل الإعلام الإمبريالي نفاقه معلناً استحالة التصويت في زمن الحرب. ولكنه كان يحث على إجراء انتخابات في أوقات الأزمة في أفغانستان والعراق وليبيا وهندوراس وأوكرانيا. ولكن إنكار الإعلام الغربي لا يستطيع إخفاء أن الأكثرية الساحقة من السوريين تثق بالانتخابات وصوتت للرئيس الأسد.

وستواصل النضال حتى يتحرر بلدها من المرتزقة الذين تدعمهم الولايات المتحدة.

 

عن جريدة (ووركرز وورلد) الأمريكية

بقلم: سكوت ويليامس – عضو الوفد الدولي إلى سورية لمواكبة انتخابات 2014.

قضى يوم الانتخابات في دمشق والسويداء

العدد 1140 - 22/01/2025