مؤتمر واشنطن لمكافحة الإرهاب

في الوقت الذي تعقد فيه نحو سبعين دولة متحالفة بقيادة الولايات المتحدة مؤتمراً لمكافحة الإرهاب في واشنطن، يهدد (داعش) بقطع رأس أوباما وتحويل أمريكا إلى إقليم إسلامي. (اعلم يا أوباما أننا سنصل إلى أمريكا، واعلم أيضاً أننا سنقطع رأسك في البيت الأبيض، ونحوّل أمريكا إلى إقليم مسلم).

لقد أعلنت المفوضية الأوربية استراتيجية جديدة للتعامل مع الأزمات في سورية والعراق و(داعش)، ورفع الكفاءة بتكلفة إضافية تبلغ مليار يورو، لتمويل الإغاثة والاستقرار والتنمية ومكافحة الإرهاب. وتذكَّرت أوربا أو (نغزتها الصحوة) بعد مقتل الطيار الأردني، إلى أن الإرهاب ليس له حدود، وأن المسلمين هم أول ضحايا (داعش). أما البيت الأبيض فبقي على عهده (مخلصاً للحرية والديمقراطية ولشعوب المنطقة ومكافحاً شرساً ضد التنظيمات الإرهابية .. وحليفاً صادقاً وأميناً للمسلحين المعتدلين). لذلك طمأن أصدقاءه في دول الخليج والأردن وتركيا، بأنه سيقصّ الشريط الذهبي ويفتتح معسكرات التدريب اعتباراً من نهاية شهر آذار..! وسيتم تدريب 1200 مقاتلاً معتدلاً لصد الداعشيين والمتطرفين والسلفيين.

وعاد أوباما إلى رشده وربّه ومقدسات أجداده، وأعلن أمام عشرات الوفود الأوربية والعربية، و وتذكَّر آية من القرآن الكريم رددها أمام الحضور: (من قتلَ نَفْساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً). هذا الرجل المتسامح المؤمن يذكرنا بإيمان أنور السادات الذي دعم الإخوان المسلمين في مرحلة ما ضد التقدميين وزجَّ الشيوعيين في السجون المصرية. فالسيد أوباما راعي البيت الأبيض وحارس السلام العالمي هو من صنع (داعش) ورتَّب صفوف الإرهابيين ووّزعهم في المنطقة، وموّل الإرهاب، وخصص الحصة الكبيرة لسورية والعراق. واليوم يعقد مؤتمراً لمكافحة الإرهاب، ويضع استراتيجية جديدة لعدم عودته إلى الديار الأمريكية والأوربية. بينما دعا السيد بايدن نائب الرئيس الأمريكي، كافة المسؤولين من كل أنحاء العالم إلى معالجة مشكلة الإرهاب من الجذور.. وتوجه في حديثه إلى الدينيين والاجتماعيين ودعاهم إلى كبح الأفكار والايديولوجيات الداعية للعنف والتطرف، كما شدّد على ضرورة إشراك الجميع في مواجهة شبح الإرهاب.

ليس هذا المؤتمر أول المؤتمرات ولن يكون المؤتمر الأخير، يأتي انعقاده اليوم في حالة سباق وحشد أمريكي – أوربي في الشرق الأوسط بعد تهديد القاعدة وداعش للولايات المتحدة وللقارة الأوربية، في الوقت الذي يقاتل الجيش السوري البطل ببسالة وتحدّ عشرات المجاميع الإرهابية في جبهات جنوب سورية وشمالها ووسطها، ويحقق هزيمة لـ (داعش والنصرة وما يسمى بالمعتدلين الأمريكيين).وفي الوقت ذاته يتنقّل السيد دي ميستورا بين سورية وواشنطن ومجلس الأمن، وينقل مشاهداته ونتائج لقاءاته مع الحكومة السوريةوموافقتها على تجميد القتال في حلب وريفها، واقتراحاً بهدنة لستة أسابيع.. ويأتي مؤتمر الإرهاب أثناء المشاورات بين أطراف المعارضات السورية وموسكو من جهة، وبين موسكو والحكومة السورية من جهة ثانية بشأن التحضير للقاء موسكو،2 في الوقت الذي يحاول فيه السيد أوباما انتزاع تفويض من الكونغرس لقتال (داعش).

ركّز المؤتمر أيضاً على ملفات الخلايا النائمة في الدول الغربية، وسُبل تعزيز التنسيق الأمني بين هذه الدول، وتشديد القوانين بما يتناسب مع تهديد الهجرة من سورية والعراق إلى الدول التي تبنَّت (الحرب المقدسة) وروَّجت لها.

كيف لدولة عظمى مثل الولايات المتحدة تتحدث نهاراً وليلاً وجهاراً عن مواجهة التنظيمات الإرهابية والسلفية المسلحة، تصرّ على أن (أم الإرهاب هم الإخوان المسلمون)، لا يشكلون خطراً على مصالح الدول الحليفة والصديقة؟!

وبدأ الكرم الحاتمي (يتهاطل درراً) عندما فتح المؤتمر الباب للمزاد ولدعم مكافحة الإرهاب.. فقدمت اليابان 5,15 مليون دولار لدعم مكافحة الإرهاب في الشرق الأوسط وإفريقيا. عدا مئات ملايين الدولارات التي ستملأ صندوق مكافحة الإرهاب من دول الخليج النفطية مكافأة لواشنطن التي تحمي مملكة الرمال وجزر الغاز وضواحي مجلس التعاون الخليجي، ومثلها من مئات الملايين لدعم النصرة و(داعش) وجيش الإسلام وغيرها.

وجاء في كتاب بعنوان (صعود وسقوط القوى العظمى) للمفكر الأمريكي بول كيندي: (إن واشنطن تمرّ بحالة خطيرة من التوسع الاستعماري، وأنها تركز على الشبح الخارجي للحرب).

العدد 1140 - 22/01/2025