اليونان: تسيبراس يتعهد بمحاربة التقشف.. ولكن «مع التقيد بمعايير اليورو»

وصلت المكاشفة في الصراع بين حكومة سيريزا اليسارية المنتخبة حديثاً في اليونان والمصرفيين الأوربيين الذين يحاولون اعتصار كل يورو من الجماهير اليونانية، ذروتها في 11-12 شباط في اجتماعات وزراء مالية منطقة اليورو.

يتخذ المصرفيون خطاً متشدداً، في حين تتعهد حكومة سيريزا بإبطال التقشف، ولا يبدي المصرفيون أية نية للتنازل. كرر رئيس الوزراء اليوناني ألكسيس تسيبراس، في أول خطاب له أمام البرلمان اليوناني، بقوة، رسالته المعادية للتقشف، ولكنه تعهد أيضاً بدفع الديون والعمل ضمن معايير منطقة اليورو:

(تريد اليونان خدمة ديونها وتدعو شركاءها إلى الانضمام إليها للعثور على طريقة للعمل معاً. وسيستجيب هذا لقواعد التوازن المالي والميزانية المتوازنة، ولكنه في الوقت ذاته يتعامل مع الدمار الاجتماعي واضعاً حداً للتقشف والأزمة الإنسانية).

هذان الهدفان_ العمل وفق قواعد المصرفيين، وفي الوقت نفسه إنهاء التقشف_ متعارضان. وهذا مؤشر إما إلى الأوهام أو التذبذب، أو الاثنين معاً، نظراً إلى الرسائل المتشددة لمصرفيي برلين وباريس وروما ولندن الذين يمتصون دم الشعب اليوناني وجميع شعوب جنوب أوربا.

سبق لسيريزا أن أسقط بصمت مطلب شطب نصف الديون. على أية حال، ترسل قيادة سيريزا رسالة غامضة قد تشوش الجماهير اليونانية.

تسيبراس يعيد التأكيد على البرنامج المضاد للتقشف

أكد تسيبراس وركز على (معالجة الجراح الكبيرة للإنقاذ المالي ومعالجة الأزمة الإنسانية.. بعد خمسة أعوام من همجية الإنقاذ المالي لا يستطيع شعبنا تحمّل المزيد).

تتضمن الإجراءات المضادة للتقشف التي تعهد بتنفيذها تقديم الطعام والكهرباء والعناية الصحية المجانية للأشخاص الأكثر تأثراً بالأزمة الاقتصادية، وإلغاء ضريبة سنوية مفروضة على الملكية الخاصة الصغيرة.

ومن بين الالتزامات الأخرى الموجزة في البرلمان:

 الزيادة التدريجية للحد الأدنى للأجور إلى 751 يورو في عام 2016.

 دفع علاوة للمتقاعدين منخفضي الدخل.

 إعادة موظفي القطاع العام (المسرحين بصورة غير شرعية).

 إعادة شبكة الإذاعة الوطنية.

 زيادة الدخل السنوي المعفى من الضرائب من 5 آلاف يورو إلى 12 ألف يورو.

 وضع حد لخصخصة المؤسسات العامة.

طالب تسيبراس أيضاً بتعويضات من ألمانيا عن القروض القسرية المفروضة على اليونان خلال الاحتلال النازي في الحرب العالمية الثانية.

أخبر تسيبراس البرلمان أن قرار سيريزا (الذي لا عودة عنه هو التنفيذ التام لتعهداتنا قبل الانتخابات)_ (بي بي سي في 8 شباط).

رفض تسيبراس أيضاً المزيد من نقود الإنقاذ المالي. تقدمت اليونان في 16 شباط بطلب 2,7 مليارات يورو كي تستلمها في 28 شباط. وإذا لم تملك اليونان ما يكفي من النقود لدفع 4,1 مليار يورو في آذار و5,3 مليارات يورو في حزيران، فإنها قد تتخلف عن دفع ديونها.

تطلب سيريزا بدلاً من الإنقاذ المالي قرض جسر لتتمكن من دفع الديون ريثما تثمر المفاوضات، رفض المصرف المركزي الأوربي ذلك قائلاً إن النقود الوحيدة التي تستطيع اليونان الحصول عليها هي نقود الإنقاذ مع كل شروط التقشف المرتبطة بها.

اليونان في بروكسل: (واحد ضد 18)

في اجتماعات بروكسل، قدمت الحكومة اليونانية، التي تدين ب 320 مليار يورو للمصرفيين، خطة مالية تسمح للحكومة بالحفاظ على وعودها بإنهاء التقشف.

تبنى المصرفيون خطاً متشدداً، وأخبر المصرف المركزي الأوربي اليونان ألا تتوقع أية تنازلات في اجتماعات بروكسل.

قال مسؤول واصفاً النقاشات في اجتماع أولي بين وزير المالية اليوناني يانيس فاروفاكيس وجميع وزراء المالية الآخرين: (كانت اليونان ضد الآخرين كلهم، في الأساس واحد ضد 18) _ رويترز في 5 شباط.

حاولت واشنطن وول ستريت الحفاظ على نبرة منخفضة خلال هذه الأزمة. ولكن حكومة الولايات المتحدة أعلنت موقفها بهدوء.

قالت سفارة الولايات المتحدة في أثينا: (حثت الولايات المتحدة اليونان على ممارسة التعقل المالي ومواصلة الإصلاحات الهيكلية، في لقاءات بين مساعد وزير الخزانة الأمريكي داليب سينغ وفاروفاكيس ومسؤولين يونانيين آخرين في أثينا. تعتقد الولايات المتحدة أن من المهم جداً للحكومة اليونانية العمل بالتعاون مع الزملاء الأوربيين وكذلك مع صندوق النقد الدولي)_ بلومبيرغ نيوز في 8 شباط.

الولايات المتحدة هي القوة المهيمنة على صندوق النقد الدولي الذي يفرض، بالاشتراك مع المصرف المركزي الأوربي، التقشف على اليونان.

تنبأ آلان غرينسبان، الرئيس السابق لمجلس الاحتياط الفيدرالي الأمريكي، وفقاً ل بي بي سي، أن يكون على اليونان مغادرة منطقة اليورو. من غير المعروف هل هذا تحذير أم تهديد بغلاف توقّع. ولكنه يشير على أية حال إلى الوضع الخطير الذي تواجهه الحكومة  اليونانية والعمال والفلاحون والطبقة الوسطى. سيكون الخروج من منطقة اليورو في الحقيقة خطوة نحو إنهاء عبودية الدين التي توجد فيها اليونان، ولكنه يهيء أيضاً لمرحلة عدوان اقتصادي من جانب المستثمرين الاقتصاديين في العالم وصعوبة اقتصادية قاسية، ولا يمكن الرد على الخنق الاقتصادي إلا بخطوات قوية من الطبقة العاملة للتصدي.

العدد 1140 - 22/01/2025