مقتطفات من الأدب الساخر
يشكل الأدب الساخر أحد أغصان شجرة الأدب، فأوراقه لا تسقط، وتنمو براعمه في جميع الفصول ولا تذبل. ويجذب الأدب الساخر القرَّاء اليه، ويزداد أتباعه يوماً بعد يوم.
ومنذ عقود مضت كانت السجالات تحرّك شجون الكتاب والمتلقين.. وما يجري في اللقاءات بين الأدباء في ليالي السمر، كان ينشر في الصحف الساخرة. وهذه مقتطفات تحمل روح النكتة الخفيفة والسخرية أيضاً .. ومنها:
* كان حافظ إبراهيم جالساً في حديقة داره بحلوان، ودخل عليه الأديب الساخر عبد العزيز البشري وبادره قائلاً: شفتك من بعيد فتصورتك وحدة ست، فقال حافظ: والله يظهر انه نظرك ضعيف.. أنا كمان شفتك وانته جاي افتكرتك راجل..!
* روى مارون عبّود في نقده أحد الشعراء فقال: مرَّ نائب فرنسي على مزارعين في أحد الحقول، فشاء أن يتنادر عليهم فقال لهم مشجعاً: ازرعوا، وغداً نحن نأكل.. أجابه خبيث منهم: لكننا نزرع شعيراً..!
* كان يطيب للشاعر حافظ إبراهيم شاعر النيل، أن يداعب أحمد شوقي أمير الشعراء .. وكان شوقي جارحاً في ردّه على الدعابة .. وفي إحدى ليالي السّمر أنشد حافظ إبراهيم هذا البيت ليستحث أحمد شوقي على الخروج عن رزانته المعهودة.. فقال:
يقولون إنَّ الشوق نار ولوعة
فما بال شوقي أصبح اليوم باردا
ردَّ شوقي بأبيات وجاء في نهايتها..
أودعت إنساناً وكلباً وديعة
فضيعها الإنسان والكلب حافظ
* قرأ الروائي اللبناني طانيوس عبده في كتاب تاريخي، إن اليونانيين القدماء كانوا يعاقبون المرأة التي تخون زوجها بجدع أنفها، والرجل الذي يخون زوجته بقلع عينيه، فكتب على هامش الكتاب:
فلو وصلت شرائعهم إلينا
على ما نحن فيه من مجون
لأصبحت النساء بلا أنوف
وأصبحت الرجال بلا عيون
* قال إعرابي لابنه بأن أمَّه (أَمَة).فقال له ابنه: هي والله خير منك، لأنها أحسنت الاختيار فولدتني من حُر.. أمَّا أنت فقد أسأت الاختيار فولدتني أَمَة..!
برنار شو ..الكاتب الإيرلندي الساخر
* تقدَّم برنار شو في حفل أرستقراطي إلى سيدة جميلة وطلب منها مراقصته، لكنها رفضت.. وهنا سألها شو عن السبب فقالت ساخرة منه وبترفع: لا أرقص إلاَّ مع رجل له مستقبل. وبعد قليل عادت المرأة إلى شو تسأله بدافع الفضول عن سبب اختياره لها بالذات، فقال لأني لا أرقص إلاَّ مع امرأة لها ماضي ..!
وكان برنار شو قبيح الشكل جداً. كان وثيق العلاقة بالراقصة رائعة الجمال (إيزيدورا دانكن).. وكثيراً ما كانت هذه الراقصة تمازحه، لكي تسمع إجاباته الطريفة المضحكة.
قالت له يوماً: يعتبرك الناس يا برنار أذكى البشر، ويعتبرونني أجمل النساء، فلو تزوجنا لجاء أولادنا أجمل الأولاد وأذكاهم..!
ابتسم برنار وقال لها: لكنّي أخشى أن يأتي أولادنا على شاكلة أبيهم وعلى ذكاء أمّهم..!
وكان برنار شو صديقاً حميماً ل ونستون تشرشل رئيس وزراء بريطانيا.. وكان هذا يحب النكتة البارعة، فيتحرّش بشو ليتلقى قوارص كلامه.. قال له: تشرشل (وكان ضخم الجثّة) إنَّ من يراك يا أخي برنار (وكان نحيل الجسم جداً)، يظن أن بلادنا تعاني أزمة اقتصادية حادة، وأزمة جوع خانقة.. أجابه برنار على الفور: ومن يراك أنت يا صاحبي يدرك رأساً سبب الأزمة..!
وكان برنار شو منهمكاً بالكتابة فقالت له سكرتيرته الجميلة: إنَّ نسيبة لك جاءت لتراك لحظة واحدة لأنها مسافرة، وتريد أن تقبّلك قُبْلة الوداع.. أجابها برنار: ألا تعرفين أنّي منشغل جداً في هذا الوقت ولا أحب أن أقابل أحداً..! وأضاف: خذي منها أنتِ هذه القُبلة ثمَّ أستردها أنا منك حين أفرغ من عملي..!
* اشتهر ملك فرنسا لويس الرابع عشر برعاية الأدب والأدباء. وكان يلقَّب ب (الملك الشمس) لعظمته. وكان الشاعر بوالو مقرَّباً إليه.
نظَّم الملك قصيدة وتلاها على الشاعر بوالو مستطلعاً رأيه، فما استساغها الشاعر، فأجاب بلباقة: إنَّك أيّها الملك الشمس قادر على عمل أي شيء، فالمستحيل ليس في قاموسك.. لقد شئت أن تنظّم شعراً رديئاً فبرعت..!
* وأخيراً وليس آخراً مع الرئيس ترومان .. أنه حينما كان نائباً للرئيس روزفلت، حدث أن وقف أمام أحد القضاة للشهادة في إحدى القضايا، وكان القاضي فظّاً ضيّق الصدر، فلما أفاض ترومان في سرد معلوماته تضايق منه القاضي وصاح فيه: مستر ترومان.. أجئت هنا لتعلمني القانون؟ فأجاب ترومان بكلّ هدوء: لا.. لأنّي لا أستطيع عمل المعجزات ..!
وعندما سُئل العالم شارلز كنترنغ: لماذا تتحدَّث كثيراً عن المستقبل؟ فأجاب: لأنني سأقضي بقية حياتي فيه..!