في البال ذكرياتك ياشام

تمر في البال ذكريات لا تنسى أبدا.. فذكريات الشام كنسيم عابق بالياسمين يبقى في روح السوريين عشقا عذريا يتغنى بالمجد والحب والصفاء… ويرتل الشام أناشيد هوى وغزل في كل المواسم والصباحات.. للشام حكايا تجعلنا نتوقف عند كل سطر تفتحت حروفه ورودا كتبت سر الهوى والمجد… لتغني فيروز بصوت الملائكة شام يا ابنة ماض…شام يا ابنة المجد… شام يا ذا السيف لم يغب ولن يغيب أبداً….. للشام حكاية ارتبطت بالورد، فالشام وردة تفتحت وعبق التاريخ بها…. لشوارع الياسمين حكايات يرويها عشاق حواريها… الشام شامة المجد…وقاسيون صرخة البطولة والكبرياء…. دمشق الوردة الشامية التي سافرت لتزهر في كل العالم حباً وسلاماً وعطراً تتضوع به النفوس والأرواح… وحب الورد للشام… والشام تعشق الورد وتهيم به…فلذكرياتها مع الوردة حكاية غزلتها بعرس جميل لا ينسى…عرس أفراح الورد… توجت من خلاله الورد والياسمين والفل سلاطين في مهرجانها الدولي للزهور والورود التي كانت تحتفل به في حزيران من كل عام..

حزيران الذي يرسم نهاية الربيع ليزهر بأجمل الورود والزهور بعرس يودع فيه فصل الربيع..الربيع الذي يبقى متفتحاً ويانعاً على صدر دمشق زهورا تفوح بعبير العشق للجمال… معرض الزهور الدولي حكاية جميلة يرويها التاريخ بعبقه، فللسوريين القدماء تقاليد وأعراس كثيرة ومن بينها الاحتفال بالورد وتتويجه رمزا للصفاء والنقاء الروحي وهذا ما ورد في الحضارات السورية السامية التي علمت العالم معنى الحب والعشق بأبجدياتها الملونة كالورود… والسوريون لم ينسوا قيم وتقاليد أجدادهم ومورثهم الثقافي والتراثي الجميل..  فإكراما للورد والزهور أقاموا مهرجاناً خاصاً يحتفلون به..

كان معرض الزهور الدولي يفتح أبوابه كل حزيران بأجمل ما خلق الله… ومن كل أصناف الورود في العالم… وكان يقام في حديقة تشرين بدمشق، ولكل شارع من دمشق حكاية مع بائعي الورد أيضاً، فأينما  مشيت في الشام كنت ترى الشوارع مزهرة… كان المهرجان يقام باهتمام وزارة الثقافة السورية..حيث كانت الدعوات تصل لكل بلدان العالم للمشاركة بالمهرجان.. فعندما كنت تزور معرض الزهور تجد أجمل ورود العالم في أجنحة مختلفة لكل جناح نكهته الخاصة وسحره الخاص… المهرجان لم يكن متعة جمالية وروحية فقط، بل كان مزيجاً ثقافياً جمالياً فمن خلاله كانت تقام فعاليات كثيرة تتعرف فيها على أسرار الورود وزراعته وكيفية العناية به وأصل كل زهرة… كما كنت تتعرف على زهور غريبة تراها لأول مرة في حياتك… وكانت تقام أيضا الاحتفالات والأمسيات الشبابية والموسيقية الرائعة….. وندوات ثقافية وفكرية.. وفعاليات شبابية لزراعة الورد والياسمين في كل أنحاء الشام… للمهرجان ذوق خاص وطعم تعشقه الروح في كل سهرة سمر مع رائحة الزهور وصوت الشام الذي يغني با بدع الورد وجمال الورد… ثلاث أعوام مضت ومهرجان الزهور مغلقة أبوابه حزناً على الشام…. ولكن لم ننسَ سهراتنا الجميلة على أنغام الياسمين وعبق الفل… ولن ننسى بأن الشام رمز الورد… والوردة الشامية ستتفتح كل يوم وتعلم الحب والعشق والسلام لكل العالم…. الوردة الشامية التي تغنت بها أصوات الكثيرين ستبقى سفيرة الشام لكل قلب في العالم عاشق لهوى الشام.

العدد 1140 - 22/01/2025