ديمستورا ودي مفضوحه..

يسافر الأحبة والأصدقاء، في الزمان والمكان، لكنهم باقون في شغاف قلب المحب. ويوارى الأهل والأقارب الثرى والغياب، لكنهم حاضرون في طلعات الأقران وأطياف المحبين.

ترددت (نشوى)، إثر الواقعة التي لا تقوى على التلفظ باسمها، تلك التي أوقعها (ممثلو الله على الأرض) بضيعتها الغافية على أكتاف جداولها، بين البحر والساحل. مُقتطعين – مع ما اقتطعوه – بسواطير (إيمانهم)، غصنين يافعين من شجرة أسرتها، وبُرعماً رضيعاً.

تريثت نشوى طويلاً، قبل أن تسمح لنفسها، التفكير بالتقاء (رياض). على اعتبار أن التقاء الوليف، يقلل من هيبة الحزن، وتعاطي الحب يثلم إخلاص الحزين.

وكان أن التقيا، على غير موعد ولا استعداد. فإذا بحلاوة اللقيا تلطف من أجاج ملح الألم.. وحرارة الحب تبدَّد من تلبُّد غيم الاعتبارات.. وبلسم التشاركية يخفف من نزف جرح المحب. اتصّل بعد ذلك ما انقطع بينهما من حبل اللقاء، وعادا إلى سابق عهدهما، في التزاور والتعاون والتشاور.

في لقائهما الأخير، الذي جاء في منتصف المسافة، ما بين (منتدى موسكو التشاوري) بين السوريين، ومجيء فالنتين، في 14 شباط الجاري. ومع ما حمل كل منهما، من رسائل صادرة في صفاء العين، وأخرى ما زالت مخطوطة على صفحات القلب. حمل في يده طاقة وردٍ، زاوجاها في باقة واحدة، ليتشاركا فوح طيبها، كتشاركهما بوح المشاعر في لوعة الفقد وفرحة اللقاء، (الفرح المشترك فرحان، والحزن المشترك نصف حزن).

لقد حملت ورود رياض، عبق تراب الجبل، الذي ضم رفات أخيه. وحملت ورود نشوى، عبير ثرى الساحل، الذي انضوى تحت لوائه شهداء أسرتها.

ولما كانت قوارب الحياة لا تعرف التوقف، وعقارب الزمن لا تشتهي الراحة. وكان من طبيعة الإنسان، التفكير دائماً بالغد. فلم ترَ نشوى ما يمنع، من أن تدفن إحدى كفّيها في كفيّ رياض، وتردُّ بالأُخرى أهداب نظراته فوق وجه روحها، وتسأله: مَنْ يكون ديمستورا هذا، الذي ملأت أخباره صفحات الجرائد ومحطات التلفزة؟ وهل تراه سيذهب إلى منتدى موسكو المقبل؟ وماذا سيحصل إذا لم يذهب؟ وما تتوقع أن تكون عليه الأوضاع في المستقبل؟

كان سؤالها مُركباً ومُعقداً ومتداخلاً، كأزمة بلدهما. وكان في عينيها زغاليل كلمات حزينة الأنواع والألوان، تزقزق مثقلة، بترجمة حبها لسورية وتلوّعها على ما يزهق فيها من أرواح وأنفاس، ويُهرق من دماء وأحلام. كثيراً ما كانت في غير مكانها المفروض، ولغير هدفها النبيل.

صمت رياض مليَّاً، ولثوانٍ طويلة متلفعاً دخان جوفه ولفافته، قبل أن يشرع بالرد على سؤال نشوى. موجزاً أهم دوافع الأزمة وروافعها.. ثم استغلال نتائجها، من قبل ذوي المصالح المتقاربة المتقاطعة، من أعداء الخارج وعملاء الداخل، ومن لفّ لفَّهم، ودار في فلكهم.

وصولاً إلى (منتدى موسكو) حيث ترفعت الأطراف المتنازعة المجتمعة عن المصالح الدنيا للفئات والأشخاص. مرتقية إلى المصالح العليا للوطن والمواطنين. بتأكيدها على نقاط أساسية عدة، شكلت حسب رأيه خميرة جيدة ومُبشّرة، لنضوج خبز الخروج من محنة الأزمة. الخبز الذي سيأكل منه كل محبي الخير والسلم لبلدنا وشعبنا.  وختم رياض- ضاماً نشواه بين ذراعيه، جسداً وروحاً ووطناً – بالقول: ويوم خروجنا من أتون محرقة هذه الأزمة الكارثية، سيكون عيد الأعياد لسورية وكل السوريين، من عشاق ومحبين. وعندئذ يا نشوتي، لن يُعطى كبير اهتمام لمن حضر المنتدى، ممثلاً عن الأمم المتحدة أو هيئة الشعوب المتفرقة.

أكان ديمستورا..

أو ديمفضوحه..

أو دينامي!.

العدد 1140 - 22/01/2025