عربَات بلا إطار..!
في كل عام، مع قدوم آذار، يحبس العالم أنفاسه وتستعد أشهر وكالات الأنباء لإظهار كاميراتها الحرارية والإلكترونية المتطوّرة لاصطياد الحدث وعدم توفير أي فرصة لالتقاط الصور الجماعية لأصحاب السعادة والفخامة والسمو!!
في كل عام، مع حلول شهر آذار ترتجف المنابر وتهتز الكراسي تحت أصحاب السعادة والجلالة والسمو، وهم يترنّحون على كراسيهم على وقع حامي الحمى رئيس القمة العربية السابقة وهو يعلن انتقال الرئاسة إلى مليك جديد أو عاهل آخر، وبالطبع هنا لا يمكنكم تخيّل حجم العيون المشدودة إلى شاشات التلفزة من دول العالم كافة لرؤية هذا الحدث العظيم.
في آذار كل عام يتمنى المواطن العربي، أن ينتفض العربان من أجل المسجد الأقصى فينقضّون على من اغتصب الشجر والبشر والحجر وفتك بكل شيء في فلسطين الأبية.. لكن أحلام هذا المواطن تطول وتطول وتبقى مجرّد أحلام.
ومع انتهاء السبات الشتوي لقادة العربان تنعقد القمم ذات القرارات العجيبة، وفي النهاية تصدر القرارات، فالويل لمن اغتصب الأرض من تضامن عربي مازال العربان يدعون إليه منذ نعومة مشاكلهم وقضاياهم، لكن كل شيء ممكن ووارد، فالعربان أكثر ابتعاداً عن كل ما من شأنه أن يجعلهم قوة يحسب لها ألف حساب.
ويكون للعربان مشاكلهم الجديدة وقضاياهم الجديدة وخلافاتهم الجديدة، كيف لا وهم قد اعتادوا ألا يكون لهم عدو من خارج أبناء جلدتهم ممّن يتقاسمون معهم التاريخ واللغة والعادات والحدود وكل شيء.
واليوم ونحن نودّع آذار ها هي الجيوش التي درّبوها لسنوات وسنوات، وصرفوا عليها مليارات الدولارات، وزودوها بأحدث الأسلحة والمعدات، تزحف بطائراتها وبوارجها وفرقاطاتها وكل صنوف أسلحتها للانتقام من بلاد القات.. هاهي ذي جيوش العربان تدك معاقل (العدو) اليمني، وهاهم أولاء الطيارون يتسارعون ويركزون القصف للحيلولة دون هروب أي امرأة أو طفل أو طاعن في السن من أبناء اليمن.
قمة آذار هذا العام أتت في ظروف استثنائية، فكانت قراراتها استثنائية ومصيرية، إذ جعلت العدو الأول لكل شريف في هذه المنطقة العربية ينام في أمن وأمان، فلم تعد فلسطين تعنيهم مادامت سورية مرتعاً لإرهابييهم، واليمن جاهزاً لتجريب أسلحتهم، فهاهم أولاء مايسمونهم بوزراء الدفاع العرب يشرفون على حسن سير المعارك متناسين ما اتفقوا عليه ذات آذار سابق في معاهدة الدفاع العربي المشترك..الله الله أيها العربان!!. ألا تتفقون إلا على بعضكم وعلى إراقة المزيد من دمائكم؟!!
ومن قال بأن إغاثة الملهوف ليست من شيمنا؟ فما كاد الرئيس اليمني ينهي مناشدته لأبناء عمومته التدخل في بلاده حتى كانت الطائرات تدك أرض اليمن السعيد – سبحان الله – وهذه المجروحة التي تسمى فلسطين تستغيث منذ عدة عقود، ولكن لا مغيث ولا مجيب!. ولا طائرة من كرتون أو من ورق تطير فوق فلسطين!!
وتحركت مملكة الرمال والخنوع ونهضت من سباتها لتدمير عدوّ جرى تصنيعه في أربع وعشرين ساعة.. وسحقه، لم يكلفهم الموضوع أكثر من ذلك، فاجتمعوا على قرار واحد بتدمير بلد عربي لم يرق لمزاج بعض حكامهم وأمرائهم، وكأن ما تعرّضنا له من ويلات على يد الغرباء لا يكفي!
تنتفض القمة وتقرر تشكيل قوة دفاع عربية مشتركة غير ملزمة، فالعربان يحفظون تاريخهم جيداً، فما من اتفاقات استمرت حتى جفاف حبرها.. نعم، قوة تدخل عربي ستكون جاهزة للانقضاض على أي شعب عربي في أي دولة عربية فقط.. نعم، العرب للعرب ولا شيء سوى ذلك، والعربي بات مع العولمة لا يُقتل إلا بسلاح العربي.. سررنا لهذا القرار ولكن ماذا لو استدعاكم الرئيس الفلسطيني للتدخل في فلسطين الجريحة وإنهاء عقود من القهر والتشرّد والجوع والإذلال؟!. كيف ستلبون الدعوة يا ملوك؟!